بسم الله الرحمن الرحيم
سورة المسد
المرحلة المتوسطة
تمهيد:
هي سورة تحتوي مشاهد تصويرها لأحداث الشدة والغلظة والجفاء والإذلال لمن نسبت إليهم آياتها ,وكل من شابههم...يتناسب هذا كله مع سلوكياتهم.فالمتأمل لآيات هذه السورة سيستشعر ما يشده لرؤية مشاهد اشتعال ألسنة النار المتوهجة لشدة ما ألقي في موقدها !!.
رجل وامرأة اجتمعا في رباطهما على محاولة هدم بناء الحق والحيلولة دون رفع رايته,حاولوا جهدهم معا لتقطيع حبل الله المتين,ومن حكمة الله أن سمى هذه السورة قليلة العدد في آياتها شديدة المعاني والمواقف, وعظيمة الفوائد بالمسد!!
لتدل على طبيعة شخصية هؤلاء الكافرين الذين برزوا وتميزوا بأنفسهم عن غيرهم من الناس فاستحقوا أن يلقبوا بها .وأن ينزل بهم وبأفعالهم قرآنا يتلى إلى يوم القيامة يتوعدهم ويتوعد كل من تبع منهجهم وسننهم.
الوقفة التربوية:
تأملي معي أختي الحبيبة ,في حال هذه المرأة الشديدة القسوة ,التي فرغت قلبها من عواطفها ورقتها الأنثوية لتملأه بمشاعر الحقد والحسد,إنها المرأة التي صلبت عنقها بغرورها وكبرها لتنشر الفساد من حولها وتعين زوجها على النجاح في دعوته مع الباطل!
لست حليها وزينتها وخرجت لتظهرها للملأ وما حجبت نفسها بالستر والحياء وصفها الله بحمالة الحطب ,هذا الوصف العجيب المتناقض مع مكانتها وعلوها في قومها ,لا يدل إلا على شنيع ما كانت تصنعه من فعال وأقوال فاستحقت ذلك الوصف .تحمل الحطب على ظهرها المنحني لثقل ما تحمله ولكثرة التنقل بين الأماكن بحثا عنه ,أحكمت شد الحبل المتين خوفا من فقدانه بعد العناء في جمعه والذي هو والله رمز للذنوب والآثام التي ارتكبتها بحق رسول الله ,كانت لها قلادة من جوهر فقالت : والات والعزى لأنفقنها في عداوة محمد فجزاها الله أن جعل في عنقها حبل يوم القيامة مكان قلادتها!!.
قال تعالى:{إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون}.
إنه الشيطان ,يزين لأوليائه,يزيدهم غيا على غيهم, وضلالا على ضلالهم .
فكان حريا بنا ألا نتبع خطوات الشيطان ,أن لا نسعى بأنفسنا وأموالنا للصد عن سبيل الله ,فلأن تكون ذنبا في الحق خير من أن تكون رأسا في الباطل !.
الربط بالواقع:(لا تكوني كحمالة الحطب)!!!.
مما لا شك فيه أخيتي الغالية...أن المرأة مخلوق ضعيف بفطرته ,يميل إلى الرحمة والعطف والرفق على من حوله لا سيما إن كان من ذوي القربى قال صلى الله عليه وسلم:(رفقا بالقوارير).فكوني أخيتي كالزجاجة في صلابته إيمانك ,نقية صافية في تعاملك مع أخواتك المسلمات ,شفافة تظهرين ما بداخلك أخلاق الفطرة وزكاة النفس,و الحرص مع ذلك كله على جوهرك الطاهر من الخدش وذلك بحجابك الساتر سترك الله في الدنيا والآخرة.
قال تعالى:{أومن ينشؤ في الحلية وهو في الخصام غير مبين}فمن فطرة المرأة أيضا
حبها للزينة, وسعيها الحثيث للتجمل !فتذكري غاليتي ...كلما ارتديت حليك أن تحتسبي الأجر في ذلك,فأنت تقتدين بهديه صلى الله عليه وسلم في التجمل المباح,أنت تحلين ذلك الجيد الذي يصدح بصوت الحق,وتلك الأذن التي تشنف بسماعه,وذلك المعصم الذي شمر وحمل على عاتقه مهمة حفظ كتاب الله ,وتلك الأنامل التي تنعم وتتعبد بحمله.إنأي بنفسك عن رذائل الأخلاق ومساوئها,كفي عن إيذاء من حولك ,واجتنبي الخوض في أهل الصلاح,فإنها والله أوزار لاتطيقين حملها!.
الفوائد:
1. من عناية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يقدمه حينا وينحيه حينا لحكمة ,فهنا لم يقل جل وعلا{قل تبت يدا أبي لهب...}لأن العم صنو الأب ,فلأبي لهب حق عليه صلوات الله وسلامه عليه لأنه عم له ,فنحاه الله عز وجل هنا وخاطب أبا لهب مباشرة حتى يكون خطاب وبال ونكال عليه وكي لا يقول أحد من قريش يوم ذاك أن محمدا لم يتأدب مع عمه.
2. إثبات صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بإخبار من الله بعدم إسلام أبي لهب وزوجه وعن مآلهما يوم القيامة.
3. مشروعية الدعاء على الذين يحاربون الدين ويقفون في طريق الدعوة
4. أن الإنسان لاتنفعه قرابته ولا نسبه وإنما ينفعه عمله قال صلى الله عليه وسلم )من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه)فهذا أبو لهب وهو عم النبي صلى الله عليه سلم في النار وبلال الحبشي في الجنة.
5. أن المال لا يذم لذاته وإنما يذم مصدره وجهة إنفاقه
6. شدة القسوة تمنع القلب من رؤية الحق وإنارة البصيرة.
7. عدم التعلق بزينة الدنيا والانقطاع عن زينة الآخرة.
8. التحذير من الترؤس في الشر.
9. الجزاء من جنس العمل ويتضح ذلك ويتجلى في قوله تعالى{تبت يدا أبي لهب...}وذلك جزاء قوله للرسول صلى الله عليه وسلم تبا لك,وامرأته التي أنفقت عقدا لها كان في عنقها لإيذاء النبي صلى الله عليه وسلم جعل الله في عنقها حبلا مفتولا من النار والعياذ بالله.
10. المرأة المؤمنة الصالحة تعين زوجها على اتباع الحق وتأخذ بيده على الفرار من الباطل.
11. أبو لهب وامرأته يمثلان قوله تعالى {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات} .
تأملات استفهامية:
1. لم خص الله سبحانه وتعالى اليد بالتباب مع أن جسد أبي لهب كله خاسر؟
2. لم ذكر الله سبحانه المال والكسب مع العلم بأن المال من الكسب فهو داخل فيه؟
3. لماذا ذكر الله أب لهب بكنيته دون اسمه مع أن ذلك إكرام له واحترام؟
4. ماالفائدة التي نستنتجها من قوله تعالى {وامرأته}؟
المستوى الأول /قاعة (1)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
رأيك يهمنا