السبت، 27 ديسمبر 2014

الخطوات المتدرجة لفهم القرآن والتعامل معه

الخطوات المتدرجة لفهم القرآن والتعامل معه
على قارئ القرآن أن يحسن قراءته وفهمه والتدبر فيه، والوقوف على تفسيره، بإيجاز قاصد ذى دلالة على الغرض القرآنى، وأن يعرف كيف يتعامل معه ويتلقى عنه ويعيش به .. لذلك عليه أن يتبع- فى قراءته له- طريقا محددا، ذا خطوات متدرجة واضحة، ومراحل متتابعة. ونشير بدورنا إلى هذه الخطوات والمراحل، ومن الله نستمد
العون والتوفيق ..
1 - أن يلاحظ آداب التلاوة- التى عرضنا أهمها فيما سبق من هذا الكتاب- وأن يراعيها ويلتزمها ويطبقها، حتى يحسن الدخول إلى عالم القرآن، والعيش فى جو القرآن، واستحضار معانيه وحقائقه، واستقدام دلالاته ولطائفه، واستشعار ظلاله وإيحاءاته .. ومن لم يلتزم تلك الآداب فكيف يتلقى عن القرآن؟
2 - التلاوة للسورة أو الجزء أو المقطع بتأن وخشوع وتدبر، وباسترسال وبطء وانفعال .. وأن لا يكون همه نهاية السورة أو خاتمة الجزء، ولا غرضه كم صفحة قرأ وكم آية تلا، وكم حسنة جمع، وأن لا تخايل له هذه الأمور، حتى لا تتحول إلى حجاب بينه وبين التدبر، وحاجز سميك يحجز عنه أنوار القرآن ولطائفه ..
3 - الوقوف أمام الآية التى يقرأها، وقفة متأنية فاحصة مكررة، ليستخرج منها بعض ما يمنّ الله عليه من كنوزها وعلومها ومعارفها ومعانيها .. وأن لا يقرأها بعينه فقط، أو يسمعها بأذنه فقط، بل يقرأها بكل كيانه، ويسمعها بكل مشاعره وأحاسيسه، وأن يعيشها بكامل كينونته الإنسانية، وأن ينفعل بها ويتأثر لها، ويفتح لها حياته كلها.
عليه أن يمعن النظر فى الآية، وأن يعيد قراءتها مرة ومرات، ولا يسأم من ذلك ولا يمل، حتى لو استمرت وقفته أمامها دقائق أو ساعات، وحتى لو أعادها عشرات المرات .. وكثير من علماء القرآن كانوا يطيلون الوقفة أمام الآية الواحدة، ويقومون بها ليلتهم كلها، ولا يقطعون تلاوة الآية وترديدها إلّا عند الفجر ..
4 - النظرة التفصيلية فى صياغة الآية: تركيبها وسياقها ومعناها، ونزولها وغريبها وإعرابها، وملاحظة معانيها ودلالاتها وظلالها .. بحيث لا يغادرها إلى غيرها، إلّا بعد أن يكون قد ألم بطرف من ذلك كله، ووقف على تفسيرها وفهمها ..
5 - ملاحظة البعد الواقعى للآية، انطباقها على الواقع ومعالجتها له، بحيث يجعل من الآية منطلقا له ليعالج حياته وواقعه، وميزانا يزن به من حوله وما يحيط به، ونورا يضيء له طريقه .. ولو أحسن إدراك هذا وتذوقه واستخراجه من الآية لوقف على كنز لا ينفد، وزاد عظيم من القرآن العظيم ..
6 - العودة إلى فهم السلف- وبخاصة الصحابة الكرام- للآية، وتدبرهم لها وحياتهم بها، والوقوف على استقبالهم لها وتعاملهم معها، وملاحظة الأحوال والملابسات والظروف والحاجات التى عالجتها ولبتها، والتأمل والتدبر فى ما روى لهم من عبارات فى فهمها وتفسيرها ..
7 - الاطلاع على آراء بعض المفسرين فى الآية، واختيار التفاسير ذات القيمة العلمية، والأصالة والريادة والمنهجية والتوثيق .. وذلك حتى
يقوّم ما لاحظه فى الآية، وما خرج به من أحكام ومعان ودلالات وإيحاءات، فيستبعد ما تعارض مع الأصول العلمية التى قررها علماء القرآن ..

ثلاثة أوراد يومية قرآنية:
ولعل كلامنا عن الخطوات المتدرجة للتعامل مع القرآن يطيل الفترة الزمنية التى يختم فيها القارئ القرآن، ويكلفه الكثير من الوقت والجهد والبحث والتدبر .. مع اعتقادنا أن هذا مطلوب لا بدّ منه، وأنه هو الثمرة المرجوة من التلاوة، والمقصد الأساسى من القراءة ..
ولكننا من باب حرصنا على إفادة القارئ الكريم، وتقديم النصح له- نشير إلى ضرورة أن يكون لكل منا مع القرآن الكريم ثلاثة أوراد يومية، ووظائف لازمة، لا يتخلف عنها يوما من الأيام، مهما كثرت شواغله وازدحمت الواجبات عليه.
* الورد الأول: ورد التلاوة، يقرأ فى القرآن- بالآداب التى سبق وأشرنا إليها- ولا ينقص ورده اليومى هذا عن جزء من أجزاء القرآن،
بحيث يختمه فى كل شهر قمرى مرة .. - وهو الحد الأدنى الذى وضعه رسول الله عليه الصلاة والسلام لقارئ القرآن- ولن يأخذ هذا الورد من وقته أكثر من ساعة، بل قد ينقص إلى نصفها!.
* الورد الثانى: ورد الحفظ: بحيث يحرص على أن يحفظ كل يوم آية أو آيتين أو ثلاثا، ويكرر حفظها ويحسنه يوميا، بحيث ما تمر عليه سنوات إلّا وقد حفظ القرآن كاملا بإتقان وضبط ملحوظين ..
* الورد الثالث: ورد التدبر: وهو المقصود بالخطوات المتدرجة السابقة، بحيث يطبق تلك الخطوات يوميا على آية أو آيتين أو ثلاث، ولا يزيد على ذلك، وأن يعيشها بحياته وكيانه كله، لن تمر عليه سنوات حتى يكون قد أحسن تدبر القرآن والتعامل معه وتفسيره وفهمه وفقهه ..
ومما يعين على الفهم والمعايشة للآيات أن يقرأ بها المسلم في صلاته .
مفاتيح للتعامل مع القرآن: د. صلاح الخالدي (ص:66-69)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رأيك يهمنا