الأحد، 10 أغسطس 2014

"بلسان عربي مبين"

قال الباقلاني:" وإنه وإن كان يمكن أن يكون من فائدة قوله: إنه عربي مبين، أنه مما يفهمونه ولا يفتقرون فيه إلى الرجوع إلى غيرهم، ولا يحتاجون في تفسيره إلى سواهم"
(بِلِسَانٍ عَرَبيٍّ مُبينٍ) فكرر في مواضع جل ذكره: أنه مبين. فالقرآن أعلى منازل البيان، وأعلى مراتبه ما جمع وجوه الحسن وأسبابه، وطرقه وأبوابه: من تعديل النظم وسلامته ، وحسنه وبهجته، وحسن موقعه في السمع، وسهولته على اللسان، ووقوعه في النفس موقع القبول، وتصوره تصور المشاهد، ... مما لا ينحصر حسناً وبهجة وسناء ورفعة.
وإذا علا الكلام في نفسه، كان له من الوقع في القلوب والتمكن في النفوس، ما يذهل ويبهج، ويقلق ويؤنس، ويطمع ويؤيس، ويضحك ويبكي، ويحزن ويفرح، ويسكن ويزعج، ويشجي ويطرب, ويهز الأعطاف، ويستميل نحوه الأسماع .
ويورث الأريحية والعزة، وقد يبعث على بذل المهج والأموال شجاعة وجوداً، ويرمي السامع من وراء رأيه مرمى بعيداً, وله مسالك في النفوس لطيفة، ومداخل إلى القلوب دقيقة.(إعجاز القرآن للباقلاني)
قال الطبري: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 195] وَإِنَّمَا هَذَا تَقْرِيعٌ لَهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَالَ: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ} [الشعراء: 5] . ثُمَّ قَالَ: لَمْ يُعْرِضُوا عَنْهُ لِأَنَّهُمْ لَا يَفْهَمُونَ مَعَانِيهِ، بَلْ يَفْهَمُونَهَا، لِأَنَّهُ تَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ بِلِسَانِهِمُ الْعَرَبِيِّ، وَلَكِنَّهُمْ أَعْرَضُوا عَنْهُ تَكْذِيبًا بِهِ وَاسْتِكْبَارًا {فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الشعراء: 6] . كَمَا أَتَى هَذِهِ الْأُمَمَ الَّتِي قَصَصْنَا نَبَأَهَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ حِينَ كَذَّبَتْ رُسُلَهَا أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يُكَذِّبُونَ.[1]


[1] المكتبة الشاملة , ( ابن اجرير الطبري: جامع البيان في تأويل آي القرآن 17/643).



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رأيك يهمنا