لا شك أن معلم القرآن الكريم هو من اُصْطُفِى لهذا العمل الجليل ؛ وهو تدريس أعظم العلوم وأجلها؛ هو القرآن الكريم الذي أنزله الله سبحانه وتعالى معجزة لنبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم بلسماً شافياً من كل الأدواء الحسية والمعنوية ؛ وعلى المسلمين العناية به ، وبذل الغالي والنفيس لخدمته ، وأجل خدماته هي ترتيله وتجويده وحفظه والعمل به .
قال تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا)([1]).
إن تدريس القرآن الكريم مهنة يتسابق عليها المسلمون المخلصون ، لأنها مهنة شريفة تزيد من تحملها شرفاً ، ويكرم بها من تلقاها تعلماً .
وقد وردت نصوص كثيرة في فضل تعلم القرآن وتعليمه، فعلى سبيل المثال لا الحصر.
قال e : (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) ([2]) .
أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها المعلم :
1. سلامة العقيدة والسيرة .
2. الإخلاص وصحة المقصد .
3. حسن الخلق .
4. الصبر على المتعلمين ، والرفق بهم ، ورحمتهم .
5. التواضع الجم ، وليس المقصود به عدم الاهتمام بالمظهر ، وإنما يقصد سلامة الصدر وعدم الكبرياء والعظمة ، أما المظهر فمطلوب أن يكون حسناً وجميلاً ما أمكن ذلك دون الدخول في محظور .
6. العدل بين الطلاب في حل مشاكلهم ، وفي معاملتهم ، وفي توزيع الفرص بينهم
أما مقومات معلم القرآن الكريم :
على معلم القرآن الكريم أن يتحلى بالمعرفة بالإضافة إلى ما ذكر أعلاه وأهمّ السمات المعرفية التي يجب أن تتوفر في معلم القرآن الكريم هي :
1. المعرفة الشرعية :
معرفة الله سبحانه وتعالى ، وأنه تعالى واحد في ذاته وأسمائه وصفاته ، وتوحيد الله سبحانه وتعالى واجب على معلم القرآن الكريم وعموم المسلمين. فهو العلم الذي ورثه العلماء عن الأنبياء .
قال صلى الله عليه وسلم : (إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحفظ وافر ) ([1]).
2. المعرفة التخصصية :
معرفة العلم الذي يدرسه وإتقانه ، فبهذا الإتقان يجد احترام الناس عامة ، وطلابه خاصة ، ويكون محل الثقة بينهم فيأخذوا عنه أمور دينهم؛ بل ويسألونه عن أمور معاشهم .
وإن حذق المادة التي يدرسها المعلم ، ومعرفة دقائقها ضرورة شرعية، وتربوية تمكن الإنسان من أداء الأمانة ، وعدم تضييعها .
3. المعرفة التربوية :
إن المعرفة التربوية مهمة لكل معلم ؛ ولمعلم القرآن أكثر أهمية لأنه يدرس كلام الله – سبحانه وتعالى – الذي يتطلب الأدب والتهذيب والطهر في الثوب والمكان والبدن .
والمعرفة التربوية يقصد بها معرفة الأسس النظرية والتطبيقية للعلوم التربوية وهي أي التربية ؛ (علم إنساني متطور ، يقوم على أصول وقوانين وتجارب تنمي السلوك الإنساني السوي وتضبطه، ويبحث هذا العلم في الأهداف والوسائل التي تصل بالإنسان إلى كماله شيئاً فشيئاً ، وهو يستمد أصوله من علم النفس ، وعلم الاجتماع ، ووظائف الأعضاء ، وتدبير الصحة والاقتصاد ، وعلوم أخرى كثيرة كالتاريخ والسياسة والإدارة والفلسفة )([2]).
من هذا التعريف تتضح أهمية المعرفة التربوية لمعلم القرآن الكريم حيث أنه يهدف إلى إحداث تغيير في سلوك الطلاب بتعليمهم القرآن الكريم .
4. المعرفة الثقافية :
لا شك أن المعرفة الثقافية ليست بأقل عن المعارف السابقة ؛ وذلك لأنها تشمل عقيدة الإنسان وسلوكه ، وكل حركاته ، وسكناته ، بما فيها الأكل والشرب واللبس والمعلم في أشد الحاجة ليتعلم هذا السلوك الثقافي ليتعلمه منه طلابه ؛ (فالثقافة تعبر في بعدها الاجتماعي عن كل نواتج الحياة الإنسانية في جوانبها المختلفة العقدية ، والقيمية المعرفية ، والتطبيقية ... عقلية كانت أم مادية)([3]).
من هذا التعريف تتضح ضرورة المعرفة الثقافية لمعلم القرآن الكريم الذي يعتبر قدوة لطلابه ولغيرهم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
رأيك يهمنا