التمهيد :ـ
قدم خالد من أوربا بعد سفر طويل دام عشر سنوات ، إبتعد فيها خالد عن صديقه رائد الذي لا زمه أيام طفولته كُلها "منذ أن دخلا سوياً الروضة وحتى أنهيا سوياً المتوسطة " .
وهاهو اليوم يعود خالد من جديد ليلتقي مع صديق الطفولة رائد ، وكان اللقاء وإذا برائد يرى صديقه بوجه غير الوجه الذي ذهب به ، لقد أصبح نحيلاً جداً وتبدوا على محياه أثار الضعف والمرض ، بادره رائد ما بالك يا خالد ؟ مالذي جرى لك ؟ فأجاب بصوت حزين ، لقد فقدت كل شيء فقدت أموالي ، وفقدت زوجتي وفقدت صحبتي ولم يبقى لي شيء ، سوى ديني وإبناي الصغيران اللذان أمامك ! ، ففررت هارباً بديني قبل أن ينتهي ما بقي معي ! ولكن .. من لي ؟ وأنا الآن كالغريب في بلدي ، ليس لي أحد ولا حتى مأوى ولا زوجه أسكن إليها ؟! فقاطعه رائد قائلاً : بل أنا لك المأوى والسكن فبيتي من اليوم هو بيتك ، وأولادي أولادك ، هات كفيك لنمضي معاً حتى نصل إلى الجنة بإذن الله ! ..
إنها لقصة رائعة تأخذنا مُباشرة إلى أخُوة المُهاجرين والأنصار العظيمة والتي بلغت من السمو أكمله ومن التفاني والإخلاص أرفعه ومن العطاء والحنان ذروته ، فالله أكبر تعالوا معي نسمع ما يحكي القرأن عنهم ، قال الله تعالى :(والذين تبؤو الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون )
الوقفة التربوية :ـ
وقت الشدائد والمحن تبرز صور الإخاء والمحبة الصادقة أكثر من أي وقت مضى ، فليست الأخوة كلمة تُقال ولا عِبارات تُدبج ولا رسائل مُنسقة ومجاملات طارئة ، كما تفعل كثير من الأخوات اللاتي حتى يبخلن بالنصحية الهادفة التي قد تكون سبب في إصلاح أسرة بأكملها ، أو حتى في المُساعدة في إكمال دفتر المحاضرات لأختها المتعبه أو إتصال يُشعر بدفء الأخوة وحنانها لمن غابت عن الحضور لصفها ، إنها أمثلة بسيطة لا تُكلف كثيراً من الجهد أو الوقت ، ولكن السؤال هل نحن إذا إفتقدنا أخواتنا في مثل هذه المواقف الصغيرة سنجدهم في مواقف الحياة الكبيرة التي تحتاج إلي إيثار وعطاء ومواساه وبذل وهنا أقف قليلاً لكي تُجيب واحدة مِنا نفسها وتقول : هل أنا بالفعل أخت حقيقية لأختي ؟؟ .
وهل طبقت مبدء الأخوة وبادرت به ، قبل أن أطالب أخواني بذلك ؟ ، إن الذاكرة دوماً تعود بي لتذكرني بحال تلك الأخوة الرائعة التي جعلت من الأنصار يبذلون كل شيء غال لديهم للمهاجرين ، إنها نفوس ولا شك تاقت للجنان ورضى الرحمن ، يُخير فيها الصاحب صاحبه أي الزوجات لديه يريدها ليطلقها ويأخذها أخاه وأي المال أحب فيعطيه له للهِ درهم لقد إشتروا الغالي ( الأخوة والحب في الله ) وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( وأن يحب المرء لا يحبه إلى لله ) إشتروا لذة الإيمان وحلاوته وباعوا الرخيص من أموال وبيوت والثمن هو (( ومن يوق شُح نفسه فأولئك هم المفلحون )) فهنيئاً لهم وهنيئاً لمن سار على خطاهم هنيئاً له ..
الفوائد :ـ
1ـ الأخوة في الله لا تعرف جنس ولا بلد ولا لون ولا نسب .
2ـ الأخوة بها لذة الإيمان وجـمال الــدُنيا وروعـتـها .
3ـ ملتقى الأحبة في الله منابر من نور يغبطهم عليها الأنبياء والشهداء .
4ـ أنت حينما تُعطي أخاك فأنت المُحـتـاج لهذا العــطاء لا هو .
5ـ تسمو الأرواح وتصفوا القلوب بذكر حال المهاجرين والأنصار .
6ـ إن تصافينا وكُنا على قلب واحد كُنا سبب في إجتماع كلمة الأمة .
7ـ الكثير يستطيع أن يُصافح بيده لكن من يستطيع أن يُصافح أخاه بقلبه .
8ـ العطاء هو عطاء القلب والروح قبل أن يكون عطاء المالك والطعـام .
9ـ نفوس المُهاجرين والأنصار نفوس سباقه للخيرات .
10ـ أن تزرع بسمة وتُسمع كلمة طيبة وتُربت على كتف أخاك وقت حاجته أحب من أن تعطيه منه درهم
11ـ دعوات صادقات في السحر ووقت الأذان والإقامه هي أعظم هدية تجود بها نفسك لأخيك ولك بالمثل
12ـ تذكر دائماً أنه ( لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يحُب لنفسه ) .
الأسئلة :ـ
س1 - كيف إستطاع الأنصار أن يصلوا إلى هذه الدرجة من الإخاء ؟
س2 - هل الإيثار شيء صعب على النفوس ؟
س3 - ما السر في هذا التفاني والروح العالية بين المهاجرين والأنصار ؟
س4 - هل أستطيع أن أكون مثلهم ؟
س5 - ما ذا علي أن أفعل لأحقق الإيثار في نفسي ؟
س6 - كيف يمكن لي أن أعيد تفكيري من جديد في أخطائي مع أخواتي ؟
س7 - هلي سيعود الزمان للوراء لأكون مع أولئك النفر ؟ أم أن هُناك الكثير اليوم ممن يحتذى حذوهم ؟
س8 - هل دافعت يوماً ما حينما سمعت من يعتدي عليهم بلسانه ؟
س9 - ما هو مـوقـفـي من حـال أولئك الـعـظــماء ؟
س10 - ماذا قررت أن أفعل الآن إتجاه هذا الموضوع ؟
المــــراجــــــع :ـ
1ـ كتاب أيـسر الـتفـاسير للجـــزائري
2ـ كتاب تيسير الكريم الرحمن للـسـعـدي
3ـ كتاب تفسير القرأن العظيم لبن كـثـيـر
سماح جمعة
المستوى الثالث
معهد معلمات القرآن بغرب الرياض
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
رأيك يهمنا