الخميس، 5 أغسطس 2010

لمعلمات المتوسط وقفات مع سورة الحجرات

{ 12 } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ } . نهى الله تعالى عن كثير من الظن السوء (1) بالمؤمنين، فـ { إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ } وذلك، كالظن الخالي من الحقيقة والقرينة، وكظن السوء، الذي يقترن به كثير من الأقوال، والأفعال المحرمة، فإن بقاء ظن السوء بالقلب، لا يقتصر صاحبه على مجرد ذلك، بل لا يزال به، حتى يقول ما لا ينبغي، ويفعل ما لا ينبغي، وفي ذلك أيضًا، إساءة الظن بالمسلم، وبغضه، وعداوته المأمور بخلاف ذلك منه. { وَلا تَجَسَّسُوا } أي: لا تفتشوا عن عورات المسلمين، ولا تتبعوها، واتركوا (2) المسلم على حاله، واستعملوا التغافل عن أحواله (3) التي إذا فتشت، ظهر منها ما لا ينبغي. [ ص 802 ] { وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا } والغيبة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ذكرك أخاك بما يكره ولو كان فيه " ثم ذكر مثلا منفرًا عن الغيبة، فقال: { أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ } شبه أكل لحمه ميتًا، المكروه للنفوس [غاية الكراهة]، باغتيابه، فكما أنكم تكرهون أكل لحمه، وخصوصًا إذا كان ميتًا، فاقد الروح، فكذلك، [فلتكرهوا] غيبته، وأكل لحمه حيًا. { وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ } والتواب، الذي يأذن بتوبة عبده، فيوفقه لها، ثم يتوب عليه، بقبول توبته، رحيم بعباده، حيث دعاهم إلى ما ينفعهم، وقبل منهم التوبة، وفي هذه الآية، دليل على التحذير الشديد من الغيبة، وأن الغيبة من الكبائر، لأن الله شبهها بأكل لحم الميت، وذلك من الكبائر. تمهيد المعلمة قبل قراءة الآيات تخيلي معي أنك ذات يوم أخذت سماعة الهاتف، واتصلت بزميلتك التي انتقلت إلى مدرسة أخرى، ودار بينكما ذاك الحديث الذي فيه:تعرفين فلانة مسكتها الإدارة وكتبت تعهد....، أما فلانة عملت شعرها كذا فصار شكلها مضحك،..... وهكذا دار الحديث، إلى أن أغلقت السماعة. سؤالي الآن: س1/ أثناء حديثك عن فلانة، هل كانت حاضرة أم غائبة؟ جـ/ الطابات: غائبة س2/ هل تتوقعين أنها تحب ما تكلمت به عنها أم تكره؟ جـ: الطالبات: تكره 3/ هل كل ما قلت عنها كان حقاَ أم كذبت عليها؟ جـ: الطالبات: ما قلنا حقاَ لا لم نكذب!! إذا هذا الحديث استكمل أضلاع هذا المثلث، والآن تلاحظين أن حديثك كان ماذا؟؟ جـ: غيبة، وإن كذبت عليها فإنه بهتان. فما حكم الغيبة؟ وبم شبه الله الغيبة؟ ولم شبهها بتلك الصورة التي تكرهها النفوس؟؟!! هذا شيء مما سنتعرف عليه في الآيات التي معنا اليوم. كان عمرو بن العاص يسير مع نفر من أصحابه ، فمر على بغل ميت قد انتفخ ، فقال : « والله ، لأن يأكل أحدكم هذا حتى يملأ بطنه ، خير من أن يأكل لحم مسلم » عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتدرون ما الغيبة؟ قالوا : الله ورسوله أعلم، قال : ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ فقال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته). وفي الحديث الآخر: {وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم}. و عن ابن عباس قال: (ليلة أسري بنبي الله صلى الله عليه وآله وسلم ونظر في النار فإذا قومٌ يأكلون الجيف قال: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس). _ تعليق المعلمة بعد قراءة الآيات في هذه الآية نهي عن سوء الظن بالمؤمنين، إذن هي دعوة لإحسان الظن بهم، سؤال: إذا حصل لك موقف لم يعجبك ودالات بك الظنون فإنك لن تجني إلا الهم والغم! ما الذي أجبرك على ذلك؟ ما الحل ؟! 1/استعيذي بالله من الشيطان الرجيم فإنه حريص على أن يشوش العلاقة بمثل هذا التفكير! .. والتمسي لها عذراً، إذا فعلت ذلك فأبشري فإن بالك سيرتاح وسيصفو قلبك ويكثر محبوك! عبد الله بن عمر قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: {ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك. والذي نفس محمد بيده، لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك، ماله ودمه، وأن يظن به إلا خير}. يحكى أن أحد السلف لما أوى إلى فراشه، تذكر موقفاً حصل له، فبحث عن عذر لأخيه فلم يجد،ترى ماذا حصل له؟ أخذ يتقلب ويتقلب لم يستطع النوم، فلما وجد عذرا قال: الحمد لله، فطابت نفسه ونامت عيناه!!! ما أجملة من قلب! وما أجمل قلوبنا حين تكون كذلك وما أروع علاقتنا حين تصفو، فلا يشوبها سوء ظن إنها راحة بال طوبى لمن رُزقها . _________ { 13 } { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } . يخبر تعالى أنه خلق بني آدم، من أصل واحد، وجنس واحد، وكلهم من ذكر وأنثى، ويرجعون جميعهم إلى آدم وحواء، ولكن الله [تعالى] بث منهما رجالا كثيرا ونساء، وفرقهم، وجعلهم شعوبًا وقبائل أي: قبائل صغارًا وكبارًا، وذلك لأجل أن يتعارفوا، فإنهم لو استقل كل واحد منهم بنفسه، لم يحصل بذلك، التعارف الذي يترتب عليه التناصر والتعاون، والتوارث، والقيام بحقوق الأقارب، ولكن الله جعلهم شعوبًا وقبائل، لأجل أن تحصل هذه الأمور وغيرها، مما يتوقف على التعارف، ولحوق الأنساب، ولكن الكرم بالتقوى، فأكرمهم عند الله، أتقاهم، وهو أكثرهم طاعة وانكفافًا عن المعاصي، لا أكثرهم قرابة وقومًا، ولا أشرفهم نسبًا، ولكن الله تعالى عليم خبير، يعلم من يقوم منهم بتقوى الله، ظاهرًا وباطنًا، ممن يقوم بذلك، ظاهرًا لا باطنًا، فيجازي كلا بما يستحق. وفي هذه الآية دليل على أن معرفة الأنساب، مطلوبة مشروعة، لأن الله جعلهم شعوبًا وقبائل، لأجل ذلك. _ تعليق المعلمة بعد قراءة الآيات الإنسان التقي هو في الحقيقة صاحب خلق فتحبه الناس لشخصه وخلقه، لكن الغني مثلا يحب أحيانا لأجل مصلحة، أو الجميل مثلا لأجل جماله، ولو فقده فجأة فسيفقد معجبيه مباشرة، ففي أمريكا مثلا الزنوج السود محتقرون جدا،وما يظهر في الإعلام مجرد تلبيس وتغطية، ومن الأدلة أن أكثر سببا لإسلام الزنوج هو ما يرون من عدل الإسلام، وأن ميزان المفاضلة فيه هو التقوى، والتقوى درجة قد يبلغها المسلم بعمله، أي أن له في الوصول إليها قدرة واستطاعة، لكن مستوى الجمال أرزاق موزعة ليس للإنسان فيها يد ولا استطاعة.وهذا من عدل الإسلام فيارب لك الحمد أن جعلتنا مسلمين. ملحوظة / ما ذكرت من أحاديث فهو نقلا من تفسير ابن كثير دون الرجوع إلى كتب الحديث. وختاماَ: هذا ماأعانني الله عليه، فله الحمد وله الشكر، وأسأله تعالى الصواب والسداد، وأن ينفع بهذا الجهد المتواضع، إنه جواد كريم،، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى لآله وصحبه وسلم. نجود الداود
الدبلوم العالي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رأيك يهمنا