الأربعاء، 11 فبراير 2015

تدبر سورة مريم

بسم الله الرحمن الرحيم
سورة مريم (98آية) من المثاني
الحمد لله الذي يقول الحق وهو يهدي السبيل , والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبين وإمام المرسلين , جدد الله به رسالة السماء , وأحيا ببعثته سنة الأنبياء , ونشر بدعوته آيات الهداية , وأتم به مكارم الأخلاق , وعلى آله وأصحابه , الذين فقههم الله في دينه , فدعوا إلى سبيل ربهم بالحكمة والموعظة الحسنة , فهدى الله بهم العباد وفتح على أيديهم البلاد, وجعلهم أمة يهدون بالحق إلى الرشاد , اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
تمهيد :
بين يدينا سورة ورد فيها اسم من أسماء الله الحسنى مختص به سبحانه , لايجوز أن يسمى به غيره معادلا بذلك لفظ الجلالة الذي لايشاركه فيه أحد ,  
فيه رقة وتعطف وشفقة , من صفات الكمال الرباني , نعيشه في هذه السورة  نستشعره في كل آية من آياتها ونلمسه ونرى آثاره في كل معنى من معانيها....ليمتلئ قلب المؤمن ويفيض به, فيعظم رجاؤه ويستبشر فؤاده حبا وقربا, ويقوى يقينه حين يعاين في رحلته مع هذه السورة الكريمة صورا ومشاهد يتجلى فيها هذا الإسم  , ورد ذكره في أولها  وفي أخرها , وتكررفي ثنايا السورة (16) مرة  , فما هو هذا الإسم من أسماء الله سبحانه , وماهي تلك السورة ؟ وما علاقة إسم الله تعالى باسم  هذه السورة ؟علنا نجد الإجابة لتساؤلاتنا من خلال هذا البحث....
أسماء السورة :
·         ( مريم ) , ولم تذكر امرأة باسمها الصريح إلا مريم عليها السلام , تنبيهاً على عبوديتها لله تعالى , وعلى  اتصافه سبحانه بشمول الرحمة بإضافة جميع
النعم على جميع خلقه، المستلزم للدلالة على اتصافه بجميع صفات الكمال , المستلزم لشمول القدرة على إبداع المستغرب، المستلزم لتمام العلم، لأن قصتها أدل ما فيها على تمام القدرة، وشمول العلم.[1]
·         جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس أنه كان يسميها (كهيعص) .[2]
زمن وأحوال نزولها :
·         مكية , (متقدمة في النزول ) , نزلت بعد سورة فاطر , قبل سورة (طه) ,  إما في السنة الرابعة أو أوائل السنة الخامسة قبل الهجرة إلى الحبشة . [3]
فضل السورة :
·         عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : (بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء هن من العتاق الأُول , وهن من تِلادي ) رواه البخاري
·         وفي حديث أم سلمة : حين قدم وفد قريش إلى النجاشي في طلب من هاجر إليها دار حوار بين جعفر بن أبي طالب وبين النجاشي فقال له النجاشي هل معك مما جاء به عن الله من شئ ؟ قالت : فقال له جعفر : نعم فقال النجاشي فاقرأه علي , فقرأ عليه صدر سورة (كهيعص), فبكى النجاشي حتى أخضل لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم , ثم قال النجاشي : إن هذا والله والذي  جاء به موسى ليخرج من مشكاةٍ واحدة , انطلقا , فوالله لا أسلمهم إليكم أبدا ) حديث حسن . [4]
أبرز المحاور في السورة :
1.    التوحيد وتحقيق العبودية وتعظيم شأن الربوبية , ونفي الولد والشريك
2.    قضية البعث القائمة على قضية التوحيد.. هذا هو الموضوع الأساسي الذي تعالجه السورة، كالشأن في السور المكية غالبا.
3.    القصص هو مادة هذه السورة. فهي تبدأ بقصة زكريا ويحيى. فقصة مريم ومولد عيسى. فطرف من قصة إبراهيم مع أبيه.. ثم تعقبها إشارات إلى النبيين: إسحاق ويعقوب، وموسى وهرون، وإسماعيل، وإدريس. وآدم ونوح. ويستغرق هذا القصص حوالي ثلثي السورة. ويستهدف إثبات الوحدانية والبعث، ونفي الولد والشريك، وبيان منهج المهتدين ومنهج الضالين من أتباع النبيين.
4.    بعض مشاهد القيامة، وبعض الجدل مع المنكرين للبعث [5]
5.    تقرير النبوة
6.    تقرير صفة الرحمة لله عز وجل .
7.    تحدثت السورة في أولها عن حاجة البشر للأولاد فجاءت الآيات تمثل رقة وعطفاً وحنوا , وفي آخر ربع تنفي حاجة الله تعالى للولد فهو خالق الخلق كلهم , وجاءت الآيات قاسية شديدة لأن هذا الأمر تخر له الجبال وتكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض. [6]
أسماء الله تعالى في هذه السورة :
اسم الرحمن  ورد في القرآن ( 58)  وفي سورة مريم ( 16 ) مرة
·         أكثر من ربع المواضع التي ذكر فيها اسم (الرحمن )  تكرر في هذه السورة
·         لفظ الرحمة ورد أربع مرات ( ذكر رحمت ربك – ووهبنا له من رحمتنا – ووهبنا لهم من رحمتنا -  ولنجعله آية للناس ورحمة منا )
·         رحمة الله بعباده (زكريا – مريم – عيسى ) عليهم السلام 
·         ويذكر من نعمة الله على يحيى أن آتاه الله حنانا «وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا» . ومن نعمة الله على عيسى أن جعله برا بوالدته وديعا لطيفا..
·         مع العذاب ( إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن ) فالرحمن لايعذب إلا هالك
·         في موقف جهنم ( ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا ) أن الله لايعذب إلا من لايستحق الرحمة. [7]
موضوع السورة :
 (العبودية أعظم ما تستجلب به رحمة الله )
هي سورة الرحمة ولذلك اختير لها اسم امرأة صالحة تجسيداً لهذه الرحمة فالرحمة إذا ذُكرت في الدنيا تذكّر الناس المرأة لأن الله قد طبعها على الرحمة فقيل سورة مريم .
قال ابن تيمية : (وإنما دين الحق هو تحقيق العبودية لله بكل وجه , وهو تحقيق محبة الله بكل درجة , وبقدر تكميل العبودية تكمل محبة العبد لربه وتكمل محبة الرب لعبده , وبقدر نقص هذا يكون نقص هذا )

مناسبة اسم السورة للموضوع :
·         قصة مريم وعيسى عليهما السلام
قصتها أقوى دلالة على رحمة الله تعالى بعباده الذين تسنموا أعلى مقامات العبودية  , لذلك سميت باسمها , فحيثما ذكرت مريم يرتبط اسمها برحمة الله لها وكمال عبوديتها لله تعالى , ومريم قد نذرتها أمها محررة أي خالصة للعبادة وسمتها مريم أي العابدة .[8]
عبودية مريم عليها السلام (إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا) لتعتزل، وتنفرد بعبادة ربها، وتقنت له في حالة الإخلاص والخضوع والذل لله تعالى،
ورحمات الله تعالى بها في قصة ولادتها من عيسى (فتمثل لها بشرا سويا) ( فكلي واشربي وقري عينا ) (أن لاتحزني) ( فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما)   وأكثر ماتظهر العبودية والرحمات في قصتها عليها السلام.
وعبودية عيسى عليه السلام (قال إني عبد الله) خاطبهم بوصفه بالعبودية، وأنه ليس فيه صفة يستحق بها أن يكون إلها، أو ابنا للإله، تعالى الله عن قول النصارى المخالفين لعيسى .
(ورحمة منا) رحمة الله بعيسى، بما خصه الله بوحيه ومن عليه بما من به على أولي العزم، وأما رحمته بوالدته، فلما حصل لها من الفخر، والثناء الحسن، والمنافع العظيمة‏.‏ وأما رحمته بالناس، فإن أكبر نعمه عليهم، أن بعث فيهم رسولا، يتلو عليهم آياته، ويزكيهم، ويعلمهم الكتاب والحكمة، فيؤمنون به، ويطيعونه، وتحصل لهم سعادة الدنيا والآخرة [9]
·         قصة زكريا عليه السلام
(ذكر رحمت ربك) خطاب لنبينا محمد عليه السلام تدل على أعلى المراتب وهي العبودية , فاجتمع مع زكريا عليه السلام في هذه المكانة العليا وهي العبودية لله (د .عثمان مكانسي)
تظهر في عبودية زكريا لله تعالى (ذكر رحمت ربك عبده زكريا)  ورحمة الله تعالى به بأن وهب له يحيى رغم انقطاع الأسباب , وآتى يحيى {‏حَنَانًا مِنْ لَدُنَّا‏}‏ أي‏:‏ رحمة ورأفة، تيسرت بها أموره، وصلحت بها أحواله، واستقامت بها أفعاله‏.
وعندما طلب من الله تعالى أن يجعل له آية استجاب الله تعالى لطلبه رحمة به وأمره أن لايكلم الناس ثلاث ليال  فامتثل لأمر الله له بالشكر بعبادته وذكره، فعكف في محرابه (ينظر للسعدي)
·         قصة إبراهيم عليه السلام
من كمال عبوديته وصدقه في دعوته : دعوته لأبيه وتأدبه معه , وبين له أن الأصل في العبادة أن تكون لله (لم تعبد مالايسمع ولايبصر) ونهيه عن عبادة الشيطان (لاتعبد الشيطان )
 تلطف إبراهيم عليه السلام مع أبيه في الدعوة للتوحيد ( ياأبت)  ومقابلة غلظة والده وجفائه برقة وحنان ورفق ووعده بأن يستغفر له ربه الذي تعود منه الحفاوة والإكرام ( إنه كان بي حفيا) , وتنقطع الرحمة بإصرار والده على الكفر في آخر حياته فتبرأ منه ,وترك الدنيا من أجل الله عزوجل فعوضه الله بالذرية الصالحة (إسحاق ويعقوب ) من رحمة الله به ,( لاينبغي أن تكون العقيدة مانعة من الرحمة) [10]
تكرر ذكر اسم الرحمن في حوار إبراهيم مع أبيه ليحمله على التفكر والنظر في الإله الرحيم الذي يمهله , وأنه تعالى لايعذب إلا من يستوجب العذاب , والذي يطيعه يدخل في رحمته .
·          رحمة الله بموسى بأن وهب له أخاه هارون نبيا , وناداه مناداة حب وإكرام , لأنه بلغ أسمى مقامات العبودية, وكان يدعو إلى عبادة الله تعالى
·         إسماعيل كان نعم العبد المربي لأهله وكذلك إدريس عليهم السلام الذين ظهرت فيهم وبذرياتهم دلائل العبودية لله جميعا.
·         تمام رحمة الله على أنبيائه (اولئك الذين انعم الله عليهم .....)ومن تمام عبوديتهم لله تاثرهم بكلامه (إذا تتلى عليهم ...) واضافة اسم الرحمن على نزول الايات دلالة على ان نزول الايات من رحمته تعالى بعباده .
·         تقرير الوحدانية لله والعبودية للخلق ورحمة الله لاتكون إلا لعباده الموحدين وما سواهم لهم أشد العقاب , لأنهم اختاروا طريق الشقاء وتركوا عبادة الله فحرمو من الرحمات.
·         من سعة رحمة الله تعالى أن باب التوبة مفتوح أمام العصاة , وأنه تعالى من رحمته منَ على المؤمنين بدخول الجنة , وأنزل الملائكة بالهدى والرحمة
·          الكفار تجلت رحمة الله بهم بأن أمهلهم في الدنيا رغم أعمالهم وأقوالهم , وحرمانهم من الرحمة في الآخرة بما أعد لهم من العذاب , وتأكيداً على الوحدانية وذل العبودية لغير الله عزوجل . [11]
المناسبات في السورة :
المناسبة بين اسم السورة ومحورها :
مريم العابدة التي بلغت الغاية في مقام العبودية لله تعالى, تأتي قصتها وقد ظللتها الرحمة وشملتها في كل لحظة من لحظات حياتها, وفيها تقرير حقيقة عيسى ابن مريم، والفصل في قضية نبوته ,وإثبات قدرة الله تعالى في خلق عيسى بدون أب مما يقرر عقيدة التوحيد ,  والسورة تتحدث عن التوحيد والعبودية وأنها طريق لرحمة الله تعالى .
المناسبة بين مقدمة السورة وخاتمتها
·         بدأت بالأحرف المقطعة لبيان أن القران عربي مبين , وفي الختام تجلت الحكمة من نزوله بهذا اللسان العربي ( فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً لدا)
·         افتتحت سورة مريم بالثناء على زكريا وتذكير الناس برحمة الله به وبالسجل الخالد (ذكر رحمت ربك عبده زكريا) , وفي المقابل نرى من طوي ذكرهم ومحيت آثارهم بعد أن كانوا ملئ الأسماع والأبصار (وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا ) . [12]
·         افتتحت بذكر رحمة الله تعالى بزكريا(ذكر رحمت ربك عبده زكريا) ,وختمت بذكر رحمته بالمؤمنين (إن الذين آمنو وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) , وذكر جانب من رحمة الله تعالى بعبده محمد صلى الله عليه وسلم بتيسير القرآن بلسانه ليكون بشيرا ونذيرا ( فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً لدا)
·         ختمت السورة بما بدئت به من الرحمة لأوليائه، والود لأصفيائه، والنعمة للذين خلفوا بعدهم من أعدائه، بعد الرحمة للفريقين بهذا الكتاب بشارة ونذارة فحلت الرحمة على أوليائه، وزلت عن أعدائه [13]
المناسبة بين سورة مريم والكهف
·         قال السيوطي : سورة الكهف اشتملت على عدة أعاجيب في قصة ( أصحاب الكهف , وموسى مع الخضر,وذي القرنين ) وكذلك مريم اشتملت على أعجوبتان قصة ولادة يحي وعيسى عليهما السلام) .
·         اختتمت الكهف بتأكيد بشرية الرسول ونبوته ( قل إنما أنا بشر مثلكم ) وجاءت سورة مريم مؤكدة ومقررة بشرية عيسى عليه السلام ونبوته.(قال إني عبد الله )
·         ختمت سورة مريم (فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين ) بما بدأت به الكهف من بيان مقاصد القرآن ( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب) . [14]

المناسبة بين سورة مريم وطه
سورة مريم ختمت في تقبيح الشرك وتهديد أهله وبيان أن في القرآن البشارة والنذارة , افتتحت طه لتؤكد أن القرآن تذكرة للعباد ومن أخذ به نجا من الشقاء.
قصة موسى جاءت مجملة بمريم وفصلت بطه , وكذلك جاء ذكر آدم بذريته وفصلت قصته في طه .
المناسبات بين القصص في السورة :
·         محور القصص : إثبات الوحدانية والبعث، ونفي الولد والشريك، وبيان منهج المهتدين ومنهج الضالين من أتباع النبيين.[15]
·         أهمية توريث الدين للأبناء [16]
·         صلاح الذرية والأسرة : الأب مع ابنه (زكريا مع يحيى ) , الأم مع ابنها (كمريم مع عيسى ) , الأخ وأخيه (كموسى وهارون ) , إسماعيل وحرصه على هداية أهله , ومما يعين على صلاح الأسرة والذرية الدعاء لهم ... (الدعاء مفتاح من مفاتيح الرحمة )
·         لما ذكر قصة زكريا ويحيى، وكانت من الآيات العجيبة، انتقل منها إلى ما هو أعجب منها، تدريجا من الأدنى إلى الأعلى
·         يحيى آتاه الله الحكم صبيا – وعيسى في المهد قال اني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا – والفتى ابراهيم عليه السلام بعث الى جبابرة العراق – وكذلك موسى عليه السلام إلى جبابرة مصر – فما المانع أن يرسل اليكم ايها العرب رجلا من أوسطكم وأخيركم وقد جاوز سنه الاربعين فما وجه العجب في ذلك!!!!....[17]
·          ( إكرام الله تعالى لعباده وأوليائه ) اكرم الله تعالى زكريا بيحيى _ ومريم بعيسى _ وابراهيم باسحاق ويعقوب _ وموسى بهارون.
·         البشارة والإنعام من الله تعالى لأوليائه .









أسباب نزول بعض الآيات في السورة :
·         قال الله تعالى: (وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا (64)
* سبب النزول:
أخرج البخاري وأحمد والترمذي والنسائي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يا جبريل، ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا) فنزلت: (وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا) إلى آخر الآية، قال: كان هذا الجواب لمحمد - صلى الله عليه وسلم
·         قال الله تعالى: (أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا (77) أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا (78) كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا (79) ونرثه ما يقول ويأتينا فردا (80)
* سبب النزول:
أخرج البخاري وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي عن خباب - رضي الله عنه - قال: كنت رجلا قينا، وكان لي على العاص بن وائل دين، فأتيته أتقاضاه، فقال لي: لا أقضيك حتى تكفر بمحمد، قال: قلت: لن أكفر به حتى تموت ثم تبعث قال: وإني لمبعوث من بعد الموت، فسوف أقضيك إذا رجعت إلى مال وولد، قال: فنزلت الآيات  [18]

وقفات من سورة مريم :
آداب الدعاء : ( الدعاء يصنع المعجزات بشرط أن تعرف ما يجعل دعائك مستجاباً )
·         المكروب يستريح إلى البث، ويحتاج إلى الشكوى. والله الرحيم بعباده يعرف ذلك من فطرة البشر، فيستحب لهم أن يدعوه وأن يبثوه ما تضيق به صدورهم. «وقال ربكم: ادعوني أستجب لكم» ليريحوا أعصابهم من العبء المرهق، ولتطمئن قلوبهم إلى أنهم قد عهدوا بأعبائهم إلى من هو أقوى وأقدر وليستشعروا صلتهم بالله تعالى الذي لا يضام من يلجأ إليه، ولا يخيب من يتوكل عليه.
·         العبودية لله (ذكر رحمت ربك عبده زكريا) , من عرف الله في الرخاء عرفه في الشدة , لو أنك اتبعت الطريق الذي سار عليه زكريا عليه السلام فلن يضن الله عليك بالعطاء .[19]
·         لايأس ولامستحيل ان كان ظنك بالله جميل  وأملك به كبير وحتى لو انعدمت الأسباب فربك على كل شيء قدير
·         التحبب لله تعالى , لأن الإنسان عندما يخاطب من يحب يتكرر اسمه على لسانه فزكريا عليه السلام ذكر ربه في دعائه ( قال رب ...)
·         إخفاء الدعاء للإخلاص ورقة القلب , إنما أخفاه لأنه أحب إلى الله. كما قال قتادة في هذه الآية {إذ نادى ربه نداء خفيا} : إن الله يعلم القلب التقي ، ويسمع الصوت الخفي [20] , من أداب النداء أن يكون بصوت منخفض , ونحن نستطيع أن ندعو الله تعالى بدون أن نحرك شفتينا ويسمعنا ويستجيب لنا وهو معنا سبحانه بكل أحوالنا , الله يسمع كل همسة تهمسها له وكل شكوى تشكوها له حتى لو لم تنطقها بفمك ، و تأكد ان رجاءك بالله لن يخيب
·         شعور العبد بقرب الرب منه (قال رب ) من غير يا‏ , أقوى في الخضوع والتذلل والقرب من الله تعالى .
·         ‏{‏رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي‏}‏‏.أي‏:‏ وهى وضعف، وإذا ضعف العظم، الذي هو عماد البدن وأساس البناء، ضعف غيره،وهو ضعف داخلي , ولم يقل وهن عظمي فكان صادقا في دعائه فليس كل عظمه واهناً,
·         إنكسارك لله هو عزك الحقيقي، وافتقارك إليه هو الغنى وانطراحك بين يديه هو القوة , " وهن العظم مني"   "أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع"   "مسني الضر "  " أشكو بثي وحزني"    ياه دعوات الأنبياء تفطر القلوب
·          ‏{‏وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا‏}‏ أي انتشر كما ينتشر النار في الهشيم , لأن الشيب دليل الضعف والكبر، ورسول الموت ورائده،شكا إلى ربه ضعفه الظاهر والباطن، وناداه نداء خفيا، ليكون أكمل وأفضل وأتم إخلاصا وأجدى للقبول , فتوسل إلى الله تعالى بضعفه وعجزه، وهذا من أحب الوسائل إلى الله، لأنه يدل على التبري من الحول والقوة، وتعلق القلب بحول الله وقوته
·         {‏وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا‏}‏   لم تكن يا رب تردني خائبا ولا محروما من الإجابة، بل لم تزل بي حفيا ولدعائي مجيبا، ولم تزل ألطافك تتوالى علي، وإحسانك واصلا إلي، وهذا توسل إلى الله بإنعامه عليه، وإجابة دعواته السابقة، فسأل الذي أحسن سابقا، أن يتمم إحسانه لاحقا‏.‏ فهو دعاء شكر واستعطاف
·         {‏وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي‏}‏ شفقة زكريا عليه السلام ونصحه، وأن طلبه للولد، ليس كطلب غيره، قصده مجرد المصلحة الدنيوية، وإنما قصده مصلحة الدين، والخوف من ضياعه، ورأى غيره غير صالح لذلك، وكان بيته من البيوت المشهورة في الدين، ومعدن الرسالة، ومظنة للخير، فدعا الله أن يرزقه ولدا، يقوم بالدين من بعده .
ويريد من عباده أن يجعلوا أولادهم حفظة للدين حتى تتوارثه الأجيال كما نورث أبناءنا المال من بعدنا. فحبّ الأبناء أمر فطري ولكن للذرية هدف أسمى من المتعة الفطرية بهم ألا وهو حفظ الدين للأجيال .[21]
·         سأل الله ولدا، ذكرا، صالحا، يبق بعد موته، ويكون وليا من بعده، ويكون نبيا مرضيا عند الله وعند خلقه، وهذا أفضل ما يكون من الأولاد، ومن رحمة الله بعبده، أن يرزقه ولدا صالحا، جامعا لمكارم الأخلاق ومحامد الشيم‏.‏[22]
·         (فهب لي من لدنك وليا) طلب الهبة وليس العطاء لأن الهبة غير العطاء فالهبة من غير ثمن، زكريا ليس عنده أسباب يحصل بها على الولد فطلبه هبة من ربه سبحانه وتعالى
·          رضيا : أي راض بما قسم الله له شاكر لفضله , والله راض عنه مكمل عليه نعمته , فكم يتمنى الناس الذرية  دون أن يقوموا بواجبهم في تربية النشئ ويهتمون بجني المال من حل وحرام ويتناسون أن الله أمرهم بحسن التربية وسيحاسبهم على ذلك ....
·         قال تعالى : ( فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشياً) الدعوة في صمت ....رغم منع زكريا عليه السلام من الكلام إلا أنه يواصل ذكر الله عزوجل ويواصل دعوة قومه إلى ذلك بالإشارة إلى تسبيح الله عزوجل في جميع الأوقات ليتناسب ذلك مع هذه الآية العجيبة تعجباًمن قدرة الله وتنزيهاً له تعالى , فعلى الدعاة أن لايتخلو عن دعوتهم أبدا ولايقصروا فيها مهما كانت العوائق , فاذا حرموا من وسيلة فليلجؤوا إلى غيرها . [23]
وكذلك اختياره المحراب للتعبد والذكر واختار الزمان حين يتداخل الليل والنهار في الفجر والمغرب ...
·         قال تعالى : «واجعله رب رضيا» لا جبارا ولا غليظا، ولا متبطرا ولا طموعا. فالرضي الذي يرضى ويرضي. وينشر ظلال الرضى فيما حوله ومن حوله.[24]
·         قال تعالى : ( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً) ,
 الفرق بين الخلف بفتح اللام ( الذرية الصالحة ) , والخلف بسكون اللام (الذرية السيئة ) : هناك علاقة ترابطية بين إضاعة الصلاة  واتباع الشهوات فالصلاة ميزان للعبد وعصمة له وسمو بروحه وتهذيب لنفسه , فمن أقام الصلاة ابتعد عن الشهوات المحرمة , وإضاعة الصلاة ليس تركها وإنما تأخيرها عن وقتها أوعدم الإستقامة قبلها فهي ليست أقوال وأفعال تفتتح بالتكبير وتختم بالتسليم فحسب وإنما صلة بالله عز وجل وإقبال عليه واتصال به سبحانه فمن اتصل بالله بحق لابد أن يفيض قلبه بالخير ويحب الحق ويكون ناصراً له ويبتعد عن كل دنية  (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر) .[25]
·         قال تعالى : ( وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً) , قال القرطبي : ( سلم الله تعالى على يحيى وحياه في المواطن التي يكون الإنسان فيها في غاية الضعف والحاجة وقلة الحيلة والفقر إلى الله تعالى ) الجامع لأحكام القرآن.
·         قال تعالى : (إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا )  الخلوة رياضة للنفس وسمو بالروح وشحذ للهمة وصفاء للقلب وزيادة قرب من الله عزوجل.
·         قال تعالى : «إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا» .. فهم أتقياء شديد و الحساسية بالله ترتعش وجداناتهم حين تتلى عليهم آياته، فلا تسعفهم الكلمات للتعبير عما يخالج مشاعرهم من تأثر، فتفيض عيونهم بالدموع ويخرون سجدا وبكيا..[26]
·         قال تعالى :  (فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا) كيف يُحشَر العتاولة والمجرمون مع الشياطين أذلاء صاغرين ، ومقيدين يسحبهم الزبانية إلى جهنم ، ثم هم يجثون على ركبهم ، لا يملكون من أمرهم شيئاً ، ولا ينتظرون عوناً من أحد . وقد أيقنوا بالهلاك فنكسوا رؤوسهم خوفاً ورعباً . ثم ترى العتاة المتجبرين المتكبرين ينزعون من بينهم ويُلقَون في جهنم دون حساب ، فليس لهم عند الله تعالى قيمة ، وكان تجبرُهم في الدنيا وبالاً عليهم في الآخرة . فهم أهلها الذين يخلدون في النار أبد الآبدين . وهناك حقيقة لا بد منها .. فالجميع - صالحين وطالحين - يردون جهنم والعياذ بالله " وإن منكم إلا واردها "[27]
·         قال تعالى : ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً) قال السعدي : اختلف في معنى الورود، فقيل: ورودها، حضورها للخلائق كلهم، حتى يحصل الإنزعاج من كل أحد، ثم بعد، ينجي الله المتقين. وقيل: ورودها، دخولها، فتكون على المؤمنين بردا وسلاما. وقيل: الورود، هو المرور على الصراط، الذي هو على متن جهنم، فيمر الناس على قدر أعمالهم، فمنهم من يمر كلمح البصر، وكالريح، وكأجاويد الخيل، وكأجاويد الركاب، ومنهم من يسعى، ومنهم من يمشي مشيا، ومنهم من يزحف زحفا، ومنهم من يخطف فيلقى في النار، كل بحسب تقواه .
·         قال تعالى : {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا} , هذا من نعمه على عباده ، الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح، أن وعدهم أنه يجعل لهم ودا، أي: محبة وودادا في قلوب أوليائه، وأهل السماء والأرض، وإذا كان لهم في القلوب ود تيسر لهم كثير من أمورهم وحصل لهم من الخيرات والدعوات والإرشاد والقبول والإمامة ما حصل، ولهذا ورد في الحديث الصحيح: " إن الله إذا أحب عبدا، نادى جبريل: إني أحب فلانا فأحبه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض " وإنما جعل الله لهم ودا، لأنهم ودوه، فوددهم إلى أوليائه وأحبابه . [28]
·         قال تعالى : {ويزيد الله الذين اهتدوا هدى والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا} .
لما ذكر أنه يمد للظالمين في ضلالهم، ذكر أنه يزيد المهتدين هداية من فضله عليهم ورحمته، والهدى يشمل العلم النافع، والعمل الصالح. فكل من سلك طريقا في العلم والإيمان والعمل الصالح زاده الله منه، وسهله عليه ويسره له، ووهب له أمورا أخر، لا تدخل تحت كسبه، وفي هذا دليل على زيادة الإيمان ونقصه، كما قاله السلف الصالح، ويدل عليه قوله تعالى {ويزداد الذين آمنوا إيمانا} {وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا}
ويدل عليه أيضا الواقع، فإن الإيمان قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح، والمؤمنون متفاوتون في هذه الأمور، أعظم تفاوت،
ثم قال: {والباقيات الصالحات} أي: الأعمال الباقية، التي لا تنقطع إذا انقطع غيرها، ولا تضمحل، هي الصالحات منها، من صلاة، وزكاة، وصوم، وحج، وعمرة، وقراءة، وتسبيح، وتكبير، وتحميد، وتهليل، وإحسان إلى المخلوقين، وأعمال قلبية وبدنية. فهذه الأعمال {خير عند ربك ثوابا وخير مردا} أي: خير عند الله، ثوابها وأجرها، وكثير للعاملين نفعها وردها، فإنه ما ثم غير الباقيات الصالحات، عمل ينفع، ولا يبقى لصاحبه ثوابه ولا ينجع، ومناسبة ذكر الباقيات الصالحات أنه لما ذكر أن الظالمين جعلوا أحوال الدنيا من المال والولد، وحسن المقام ونحو ذلك، علامة لحسن حال صاحبها، أخبر هنا أن الأمر، ليس كما زعموا، بل العمل الذي هو عنوان السعادة ومنشور الفلاح، هو العمل بما يحبه الله ويرضاه.


رسالة السورة :
«رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته. هل تعلم له سميا»
من معالم طريق النجاة العقيدة الصحيحة المتمثلة في إفراد الله تعالى بالربوبية والعبادة الخالصة التي تحتاج لصبر وأناة , وحتى ينال الإنسان حظا من الرحمات فعليه أن يجتهد في العبادة ويصطبر عليها.....
والعبادة في الإسلام ليست مجرد الشعائر. إنما هي كل نشاط: كل حركة , كل خالجة ,  كل نية , كل اتجاه , وإنها لمشقة أن يتجه الإنسان في هذا كله إلى الله وحده دون سواه ,  مشقة تحتاج إلى الاصطبار , إنه منهج حياة كامل، يعيش الإنسان وفقه، وهو يستشعر في كل صغيرة وكبيرة طوال الحياة أنه يتعبد الله فيرتفع في نشاطه كله إلى أفق العبادة الطاهر الوضيء. وإنه لمنهج يحتاج إلى الصبر والجهد والمعاناة. [29]
لمسات بيانية في سورة مريم :                            الفرق بين سلام والسلام :
يحيى (وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً )
عيسى (وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً)
السلام معرفة وسلام النكرة تدل على الشمول والعموم. فكلمة سلام أعمّ من السلام ولذلك تحية أهل الجنة هي (سلام)
تحية سيدنا يحيى هي من الله تعالى لذا جاءت بالتنكير.
تحية يحيى من الله تعالى أعمّ وأشمل
قال القرطبي : سلم الله تعالى على يحيى وحياه في المواطن التي يكون الإنسان فيها في غاية الضعف والحاجة وقلة الحيلة والفقر إلى الله تعالى ) .
السلام المعرفة تدل على الإختصاص
تحية عيسى فهي من نفسه فجاءت بالمعرفة
وعيسى لم يحيي نفسه بالتنكير تأدباً أمام الله تعالى فحيّى نفسه بالسلام المعرّف. [30]

آلاء حلبي
معهد تدبر



[1] مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور
[2] التفسير المباشر
[3] التفسير المباشر
[4] التفسير الموضوعي
[5] في ظلال القرآن
[6] لمسات بيانية
[7] التفسير المباشر
[8] موسوعة التفسير الموضوعي
[9] التفسير الموضوعي د . سهير البرقوقي
[10] التفسير المباشر
[11] التفسير الموضوعي د. سهير البرقوقي
[12] التفسير الموضوعي د. مصطفى مسلم
[13] نظم الدرر في تناسب الآيات والسور
[14] موسوعة التفسير الموضوعي
[15] في ظلال القرآن
[16] لمسات بيانية
[17] التفسير المباشر
[18] المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة
[19] د . راتب النابلسي
[20] تفسير القرآن العظيم
[21] لمسات بيانية
[22] تيسير الكريم الرحمن
[23] التفسير الموضوعي د. مصطفى مسلم
[24] في ظلال القرآن
[25] تفسير د. راتب النابلسي
[26] في ظلال القرآن
[27] تاملات تربوية (د. عثمان مكانسي)
[28] تيسير الكريم الرحمن
[29] في ظلال القرآن
[30] لمسات بيانية

هناك 8 تعليقات:

  1. جزاك الله خيرًا ، استفدت منه في درسي

    ردحذف
  2. جهد طيب وعمل رائع جليل جزاكم الله خيرا ونفع بكم وزادكم من فضله حلاوة تدبر وحسن عمل أحسنتم أحسن الله إليكم وإلى والديكم وبارك فيكم وأفاض عليكم من آلآئه ونشر عليكم من رحمته وأقر أعينكم بصلاح ذرية برة رضية مرضية غير جبارة ولا عاصية ولا شقية اللهم آمين يارب العالمين

    ردحذف
  3. رائع ..استفدت منه كثيرا .. إن شاء الله أنقله لغيري

    ردحذف
  4. استفدت من المقال
    جزاك الله خيرا سأعلمه لطالبتي إن شاء الله

    ردحذف
  5. جزاكم الله خيرا جميل ومركز ومحدد النقاط

    ردحذف
  6. جعله الله في ميزان حسناتكم و الله اغبطكم جزاكم الله خيرا

    ردحذف
  7. جزاكم الله خير وزادكم علما وفهما

    ردحذف
  8. ماشاء الله.تحليل رائع السورة.كنت ابحث عنه كثيرا.جزاكم الله خير الحزاء

    ردحذف

رأيك يهمنا