الأحد، 28 ديسمبر 2014

تسجيل الخواطر والمعانى لحظة ورودها

تسجيل الخواطر والمعانى لحظة ورودها
عند ما يعيش القارئ مع القرآن بكل كيانه، ويتلقاه بكافة أجهزة التلقى والاستجابة عنده، سيأخذ عن القرآن الكثير من المعانى والإيحاءات، وترد على ذهنه وشعوره الخواطر واللطائف واللفتات والدلالات، وسيتذوق مذاقات، وسيجد راحة وسعادة، وسيتقلب فى أفياء رحمة الله ونعمته ..
عندها سيعرف معنى الحياة، وسيجد طعم السعادة، ويستروح الطمأنينة واليقين ..
وهذا الذى يجده ويستشعره ويعيشه قد يزول وينتهى إذا ما أقبل على آيات أخرى، لأنه سيجد عندها معانى جديدة، وسيتلقى عنها مذاقات جديدة، وقد يزول وينتهى إذا غادر ظلال القرآن وأقبل على الدنيا بشواغلها وصوارفها، وقد يزول وينتهى إذا أزله الشيطان إلى المعصية أو الغفلة أو الشهوة. ولذلك نوجه القارئ إلى أن يسجل ما يعيشه أولا بأول، وأن يقيد خواطره ولفتاته ولطائفه لحظة ورودها، وأن يقتنص هذه المعانى والحقائق قبل أن ينساها أو يصرف عنها .. وعندها سيحصل على سعادتين اثنتين: السعادة الغامرة فى أن يعيشها بكيانه ويتذوقها بمشاعره، وينفعل لها بأحاسيسه، وترتد عنده إلى مذاقات وحقائق معاشة .. والسعادة الثانية فى أن يحتفظ بها ويحرص عليها ويشعر بغناه بها، وثروته منها .. فى أن يجعلها كنزا من كنوزه الثمينة العتيقة، ورصيدا وافرا من علمه ومعارفه وحقائقه ويقينياته، ومعينا ثرّا معطاء يعود إليه عند ما يحتاجه ليمده بالزاد والوقود والثقة والإيمان والثبات ..
ننصح القارئ أن يكون إلى جانبه أوراقه أثناء التلاوة، وأن يسجل فيها كل ما يجده، وأن لا يكون همه- وبخاصة عند أدائه لورد التدبر الذى أشرنا إليه، أن ينتهى من الآية أو الآيات بأقصر الأوقات .. إن حرصه على تقصير الوقت قد يكون مانعا من تدبره للقرآن، وإن «الكم» القرآنى وحرصه على تكثيره قد يكون مانعا كذلك، فلا يلتفت إلى مقدار ما قرأ وما تدبر، ولا يلتفت إلى الوقت الذى أمضاه فيه، فكم من الأوقات أمضاها الصحابة والعلماء والمتدبرون للقرآن فى تدبر آية من الآيات، وترديدها ساعات وساعات قد تستغرق الليل بطوله، رغم حرصهم على أوقاتهم وشعورهم بأهميتها وقيمتها وتحرجهم من أن يضيعوا لحظتها .. ومع ذلك جادوا بها من أجل التدبر والحياة فى ظلال القرآن، وقدموها له بسخاء وكرم ويقين ..
الوقت عند القارئ البصير خادم للقرآن وتابع له، يوظفه توظيفا نافعا، ويبذله بذلا كريما بسخاء، وبدون من أو أذى ..
وإذا ما سار القارئ فى يومه لعمله أو حاجته، أو ضرب فى الأرض لوظيفته، أو ساح فى ساعات نهاره، فماذا يشغل فكره ومشاعره أثناء سيره؟
وإلى أين سيرسل خطراته وخواطره وخياله؟ لا يجوز أن يخرجها عن عالم القرآن، بل يختار آية يعيشها بكيانه، ويرددها بمشاعره وحواسه، ويتلقى ظلالها وإيحاءاتها .. وعندها يحاول أن يسجل ما تلقيه إليه .. فإن لم يستطع أثناء سيره فليكن هذا أول ما يقوم به عند حلوله ونزوله ..
كذلك إذا قرأ القرآن فى صلاته بتدبر وانفعال ومعايشة، فكم سيرد عليه من معانيه وحقائقه ولطائفه؟ فإذا خرج من صلاته سجل ما وجده منها.
مفاتيح للتعامل مع القرآن د. صلاح الخالدي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رأيك يهمنا