السبت، 20 سبتمبر 2014

تأملات في قوله تعالى: (وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) (آل عمران:37)

ما هي الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : (وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) (آل عمران:37)؟
1.   أهمية التربية الصالحة في الثبات على الدين, وتمثل ذلك في ثبات مريم وصبرها على الطاعة, وفي كلمة ( المحراب) دليل على كثرة عبادتها, كذلك ثباتها عند بشارتها بعيسى عليه السلام (قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا (19) قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20), ثباتها عند المخاض رغم الألم والكرب الشديد الذي ينتظرها وما سيتقولونه عليها؛ (فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا (23), ثباتها أمام قومها
2.   لما نذرت أم مريم ما في بطنها لربها شكر الله لها صنيعها فكفلها زكريا النبي وأنبتها نباتا حسنا فربنا شكور وبنواياكم ترزقون.
3.   أهمية المتابعة من الوالدين لأبنائهم وتفقد أحوالهم بأسلوب تربوي مناسب, (كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (37), فهو يتفقد حالها , ويسأل (أَنَّى لَكِ هَذَا ).
4.   نسبة النعمة إلى المنعم وتعليق القلوب بربها, لما سأل زكريا مريم (أنى لك هذا) ما قالت بسبب صلاتي وانقطاعي للعبادة رزقني الله , إنما كان الجواب (هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) ولم تكتف بذلك فقط, بل علقت قلب زكريا بربه قائلة (إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (37), وهذا ما يحتاجه الناس, ولا تجتمع القلوب إلا على الله, ولا تسكن النفوس إلا بالله, فيا من تتحدث بنعم الله عرفهم بالمنعم,  ويا من يواسي المهمومين حدثهم عن ربك القريب المجيب , والحديث عن الله تعالى بأسمائه وصفاته هو أيسر وأقصر الطرق للاستجابة لما أمر به الله وما نهى عنه. 
5.   الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها, زكريا تذكر بكلام مريم أمنيته القديمة في الولد , وقد انقطعت أسبابه ولكن (قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ)
6.   حسن الظن بالله تعالى مهما تعقدت الأمور , ولو انقطعت الأسباب فالمسلم يحسن الظن بربه ويتذكر  دائما (إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (37), وأن (اللَّهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (40) , وأن الله (إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47), تمثل ثبات زكريا في صبره على عدم الإنجاب طوال هذه السنوات, وهناك من تأخر زواجها وتقدم بها السن, ومن ابتليت بمرض بذلت فيه كل أسباب الشفاء دون جدوى , ومنا من تعاني من الفقر وقلة ذات اليد,... ولا حصر لصور الابتلاءات التي قد تنزل بالمسلم , هذه الابتلاءات إن توقف عندها المسلم تسلط عليه الشيطان وتمكن الحزن من قلبه وانشغل بها عما خلق له , فيصبح همه الأكبر كيف يحصل على ما يريد, وتنحرف غايته من رضا الله وتحقيق العبودية له تعالى إلى الزوج أو الولد أو الصحة إلى حلمه المفقود, وقد يُفتن فيسلك سبلا منهي عنها , ويطول به المقام في اللهث وراء السراب, بينما طريق السعادة قصير اختصره الله تعالى في كلمات قليلة (إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47), فيا كل مبتلى أحسن الظن بربك وانطرح بين يديه وأكثر من الدعاء والذكر والتضرع والخضوع له , يبلغك ربك الذي يرزق من يشاء بغير حساب فوق ما تتمنى, وضع نصب عينك أن الرزق كان المحراب, والبشرى بالولد مع انقطاع أسبابه لزكريا جائته وهو قائم يصلي في المحراب , فلا تبرح بابه فإن من أكثر الطرق يوشك أن يفتح له.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رأيك يهمنا