(درس لإحدى سور القرآن مقدم للأمهات )
مقدمة :
أحمد ربي الحمد كله وأشكره الشكر الذي هو أهله وأسأله سبحانه أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعا مرحوما وأن يجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما وأن لا يجعل فينا ولا منا شقيا ولا محروما
تمهيد:
قالوا قديما :"الوقاية خير من العلاج "
و:"درهم وقاية خير من قنطار علاج "
وهذه العبارات ليس عليها غبار وتكاد أن تكون صحيحة 100% ولكن السؤال
هل هناك دواء تعلمينه إذا استعمل في الوقاية كان واقيا بإذن الله
وأن استعمل في العلاج كان شافيا بإذن الله ؟
( حاولي في نصف دقيقة ان تفكري في هذا الدواء مع مجموعتك )
سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن فقال : يا عائشة، أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه
أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي ،فقال الذي عند رأسي : ما بال الرجل ؟ قال مطبوب قال : ومن طبه؟قال لبيد بن الأعصم رجل من بني زريق حليف ليهود كان منافقا قال: وفيم؟ قال في مشط ومشاطةفماذا كان علاجه؟
انتشر الأشرار وكثر الفجارو زاد كيد المشركين وعظم خبث المنافقين الحاقدين
فكيف اتقى النبي _ صلى الله عليه وسلم _ كل ذلك؟
اتقى النبي صلى الله عليه وسلم كل ذلك وشفي من سحره بسبب آيات جاء في فضلها
عن عقبة بن عامر قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا عقبة قل قلت:"ماذا أقول ؟ فسكت عني ثم قال : "قل" قلت : ماذا أقول يا رسول الله ؟
قال : " قل أعوذ برب الفلق" فقرأتها حتى أتيت على آخرها ثم قال قل فقلت" ماذا أقول يا رسول الله ؟ قال: " قل أعوذ برب الناس" فقرأتها ثم أتيت على آخرها ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك :"ما سأل سائل بمثلها ولا استعاذ مستعيذ بمثلها "
اذن ما العلاج والواقي بإذن الله؟ المعوذات نعم احسنتن حديثنا اليوم عن اولى هذه المعوذات الا وهي سورة
| الفلق |
أسماؤها:
1/ الفلق: وعرفت به في المصاحف وكتب التفسير وسميت بذلك لافتتاحها بقوله تعالى "قل أعوذ برب الفلق"
2/ سورة :"قل أعوذ برب الفلق"
3/ سورة المعوذتين مع سورة الناس
فضائل السورة :
عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث فلما اشتد عليه وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها
وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : يل ابن عباس، ألا أدلك أو ألا أخبرك بأفضل ما يتعوذ به المتعوذون ؟قال بلى يا رسول الله قال قل أعوذ برب الفلق و" قل أعوذ برب الناس"
وعن أبي سعيد الخدري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من عين الجان ومن عين الانس فلما نزلت سورة المعوذتين أخذ بهما وترك ما سوى ذلك
عدد آيات السورة :
خمس آيات في جميع العدد ليس فيها اختلاف
محور السورة :
تضمنت السورة الاستعاذة والاعتصام من شر كل ما انفلق عنه الخلق الظاهر والباطن وهي درس بليغ وتعليم نافع عظيم لحماية الناس بعضهم من بعض بسبب أمراض النفوس وحمايتهم من شر ذوات السموم وشر الليل اذا أظلم لما فيه من مخاوف ومفاجآت وخاصة في البراري والكهوف
علاقة السورة بما قبلها :
لما ابان الله أمر الألوهية في سورة الإخلاص لتنزيهه عما لا يليق به أبان في هذه السورة وما بعدها ما يستعاذ منه بالله من الشر الذي في العالم ومراتب مخلوقاته الذين يصدون عن توحيد الله تعالى كالمشركين وسائر شياطين الإنس والجن فسورة الاخلاص عرفتنا كمال الله وصفاته وتأتي هذه السورة تأمرنا بالاستعاذة بمن له هذا الكمال والصفات .
المناسبة بين مقاطع السورة بعضها ببعض :
دلت هذه السورة على أن الله خالق كل البشر وأمرنبيه صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ من جميع الشرور وجعل خاتمة ذلك الحسد تنبيها على خطره وكثرة ضرره
المناسبة بين سورة الفلق وما بعدها :
لما جاءت سورة الفلق للاستعاذة من شر ما خلق من جميع المضار البدنية وغيرها العامة للإنسان وغيره فكانت الاستعاذة فيها عامة للمصائب التي ترجع الى ظلم الغير والتي ترجع الى ظلم النفس وختمت بالحسد فعلم أنه أضر المصائب وكان أصل ما بين الجن والإنس من العداوة الحسد جاءت سورة الناس متضمنة للاستعاذة من شر خاص وهو الوسواس وهو أخص من مطلق الحاسد
معاني المفردات :
أعوذ: أعتصم وألتجأ
الفلق: الصبح
غاسق: ليل شديد الظلمة
إذا وقب:إذا دخل ظلامه وتغلغل
النفاثات في العقد:السواحر الاتي ينفثن في عقد الخيط حين يرقين عليها
حاسد : من يتمنى زوال النعمة عن الغير
التفسير الإجمالي للسورة :
هذه السورة تضمنت الاستعاذة من جميع أنواع الشر عموما وخصوصا
فقل أعوذ برب الفلق أي ألجأ وأعتصم برب الفلق فالق الحب والنوى وفالق الإصباح "من شر ما خلق" وهذا يشمل جميع ما خلق الله من الإنس والجن والحيوانات ثم خصص الله عز وجل بعدما عمم فقال " ومن شر غاسق إذا وقب " أي من شر ما يكون في الليل حين يغشي الناس وتنتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة والحيوانات المؤذية "ومن شر النفاثات في العقد " أي من شر السواحر الاتي يستعن على سحرهن بالنفث في العقد التي يعقدنها على السحر "ومن شر حاسد إذا حاسد" أي من الذي يتمنى زوال نعمة المحسود فيسعى في زوالها بما يقدر عليه من أسباب
الوقفة التربوية :
نقرأ صباحا ومساء قوله تعالى" ومن شر حاسد إذا حسد" فهل وقفنا ولو للحظة نسأل انفسنا هل انا تشملني هذه الاية ؟ هل من الممكن أن يكون الناس تستعيذ يوميا من شري هل سألت نفسي يوما ما حالي مع زوجة ابني ؟ هل انا احسدها؟ واتمنى زوال كل نعمة انعم الله بها عليها ليعرف ابني قدر امه او انا اكرها فقط لكن لا اتمنى زوال النعمة هل جارتي التي يحضر ابنها لها كل يوم كل ما تريد ولا يقدم عليها احدا كائنا من كان احبها وافرح بزيارتها او انني ابغضها وابغض مجالستها واتمنى ان يبتليها الله بابن مثل ابني حتى تشعر بحالي ولو مرة ؟ من منا وقفت وسألت نفسها هذه الأسئلة ؟ من منا حرصت على نظافة قلبها من هذا الداء العضال الذي يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وانظري وانت تستدفئين أو ونحن نشوي في البر كيف تأكل النار الحطب وتخيلي هذه حسناتك التي سهرت الليل لجمعها وظمات النهار للحصول عليها وليس الحسد فقط تمني زوال النعمة بل قال شيخ الاسلام في تعريفه هو كراهة ما أنعم الله به على الغير وإن لم يتمنى زواله " والعين بالطبع من الحسد ولذا نجد بعض الناس للاسف إذا طلب منه غسول أو أثر يبخل ويمتنع وربما كان سببا في إنقاذ معصوم عن هلكة كل هذا بغضا وحسدا فأين أنا من هذا كله ويكفي في ان تكرهي هذا الخلق الذميم أن تتذكري أن هذا أول ذنب عصي الله به في السماء (وذلك عندما حسد ابليس ادم عليه السلام ) وأول ذنب عصي الله به في الأرض (عندما حسد قابيل هابيل فكان سببا في قتله ) وان تعلمي انك تتشبهين بإبليس ،فأي قبح أقبح من هذا ؟
الفوائد :
1/ تحريم الحسد قطعيا أما الغبطة فهي مباحة لأنها تمني مثل النعمة وإن لم تزل عن صاحبها قال صلى الله عليه وسلم :"لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها"
2/ أن الحسد والعين والسحر لا يضر إلا بإذن الله
الواجب :
في الآيات دليل على أن الله يعصم النبي صلى الله عليه وسلم من الناس ما هو؟
المراجع :
تفسير السعدي
تفسير البغوي
تفسير فتح القدير
غريب القران
شرح الأربعين النووية لابن عثيمين
آلاء حازم
دبلوم عالي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
رأيك يهمنا