إن الله فاضل بين عباده في الشرف والجاه، والعلم والعبادة، وسخَّر بعضهم لبعض؛ ليتحقَّق الاستخلاف وتُعْمَر الأرض: {وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَـٰئِفَ
ٱلأرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَـٰتٍ لّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَـٰكُمْ} [الأنعام: 165] وقال تعالى: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَـٰتٍ لّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا} [الزخرف: 32. ]
وفي شكوى الفقير ابتلاءٌ للغني، وفي انكسار الضعيف امتحان للقوي، وفي توجُّع المريض حكمة للصحيح، ومن أجل هذه السنة الكونية جاءت السنة الشرعية بالحث على التعاون بين الناس، وقضاء حوائجهم، والسعي في تفريج كروبهم، وبذل الشفاعة الحسنة لهم؛ تحقيقًا لدوام المودة، وبقاء ألفة، وإظهار الأخوة. والدين ذلُّ العبادة وحسن المعاملة، قال ابن القيم-رحمه الله-: "*وقد دلَّ العقل والنقل والفطرة وتجارب الأمم على اختلاف أجناسها ومِلَلِها ونِحَلِها على أن التقرُّب إلى رب العالمين والبر والإحسان إلى خلقه من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير، وأن أضدادها من أكبر الأسباب الجالبة لكل شر، فما استُجْلبِت نعمُ الله واستُدفعت نقمه بمثل طاعته والإحسان إلى خلقه*".
ونفع الناس والسعي في كشف كروبهم من صفات الأنبياء والرسل، فالكريم يوسف-عليه السلام-مع ما فعله إخوته جهزهم بجهازهم، ولم يبخسهم شيئًا منه. وموسى-عليه السلام- لما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون، ووجد من دونهم امرأتين مستضعفتين، رفع الحجر عن البئر وسقى لهما حتى رويت أغنامهما. وخديجة-رضي الله عنها-تقول في وصف نبينا محمد-صلى الله عليه وسلم-: "إنك لتصل الرحم، وتحمل
الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق"، وأشرف الخلق محمدٌ-صلى الله عليه وسلم-إذا سُئِل عن حاجة لم يردَّ السائل عن حاجته، يقول جابر-رضي الله عنه-: ما سُئِل رسول الله-صلى الله عليه وسلم- شيئًا قط فقال: لا. والدنيا أقل من أن يُردَّ طالبها.
الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق"، وأشرف الخلق محمدٌ-صلى الله عليه وسلم-إذا سُئِل عن حاجة لم يردَّ السائل عن حاجته، يقول جابر-رضي الله عنه-: ما سُئِل رسول الله-صلى الله عليه وسلم- شيئًا قط فقال: لا. والدنيا أقل من أن يُردَّ طالبها.
وعلى هذا النهج القويم سار الصحابة والصالحون، فقد كان عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- يتعاهد الأرامل، يسقي لهن الماء ليلًا، وكان أبو وائل-رحمه الله-يطوف على نساء الحي وعجائزنهن كل يوم، فيشتري لهن حوائجهن وما يُصلحهن.
*نقلًا من موقع المنبر *
*للشيخ: عبد المحسن بن محمد القاسم -حفظه الله- *
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
رأيك يهمنا