الثلاثاء، 21 ديسمبر 2010

مواطن تمتحن فيها القلوب

1- العبادة

فالعبادة مثل: الصلاة، والصدقة، الصيام، والحج وغيرها موضع امتحان وابتلاء،ففيها ابتلاء في تحقيق الإخلاص لله، وعدم مراعاة الناس بها، يقول الله ـ تعالى ـ: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً) (الفرقان:23) وفي الحديث المرفوع: "إياكم وشرك السرائر قالوا: يا رسول الله، وما شرك السرائر؟ قال: يقول الرجل فيصلي جاهرا لما يرى نظر الرجل إليه، فذلك شرك السرائر" ([1]).

وفي العبادة ابتلاء بتصحيحها، وأدائها كما جاءت عن النبي الأمين، وابتلاء بتحقيق التقوى فيها ـ تعالى ـ: (وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ )(الحج: من الآية37) وهذا جزء يسير من الابتلاء الذي يحدث في هذا الموطن.

2- العلم ([2])

وهذا الموطن خصب لامتحان القلوب، وكم فشل أناس في هذا الامتحان، فطائفة طلبوا العلم لله، ثم تحولت النية إلى الشهوة الخفية، حب الرئاسة، الشهرة، التصدر، التعالي على الأقران، المراء والجدل، القدح في الخصوم.. وغيرها.

وفي الحديث: "من تعلم علما مما يُبْتغى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة" يعنى: ريحها ([3]).

3- الدعوة

وهذا المجال من أشد مجالات امتحان القلوب، وأصحاب الدعوة المشتغلون بها من أشد الناس معاناة لهذا الامتحان. فشهوة توجيه الآخرين، والشهرة، والتعالي على الخلق كلها امتحانات قد تجعل الدعوة وبالا على صاحبها ـ والعياذ بالله ـ وفتنة النكوص عن الدعوة،أو توجيهها إلى غير رضى الله داء عُضَال.

4- الخلاف والجدل

وهو مرتع من مراتع الشيطان، ومزرعة من مزارعه، ولذلك نبهنا الله ـ جل وعلا ـ إلى الأسلوب الأمثل في المجادلة فقال: ( وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )(النحل: من الآية125) ولأنه قد يكون الباعث للجدال هو الانتصار للحق، ثم يتحول إلى انتصار للنفس، وهنا مكمن الداء قال ـ سبحانه ـ: (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )(العنكبوت: من الآية46).

وصدق ابن مسعود رضي الله عنه حيث قال: إن الخلاف شر كله.

5- الشهوات

وإنما أخرتها قصدا، لأن كثيرا من الناس يقصر امتحان القلوب على الشهوات: المال، والمركب، والنساء، والبنين، والبنات، وهذه لا شك أنها فتنة وابتلاء (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) (التغابن: من الآية15) والرسول، r يقول: "إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء" ([4]) لكن ما سبق أعظم أثرا وأوقع في أمراض هذا القلب، وسلبه عافيته.

6- الشبهات والفتن

وهما مجال رحب من مجالات مرض القلب وسبب لكثير من العلل كما سيأتي بيانه.

7- الرياسة والمناصب

فكم تغيرت من نفوس، وتباغضت من قلوب بسبب هذا الموطن الذي قل أن يسلم منه أحد، فالحسد والغيرة والحقد والغل أمراض مبعثها هذا الأمر في غالب الأحوال والأحيان.

8- النسب والحسب والجاه

وهو أرض مثمرة لأمراض القلوب وأدوائه، فالتعالي والتفاخر والكبر وغيرها من أمراض القلوب تنطلق من هذه الأرض، ففيها تنبت ومنها تثمر.

ولعلنا الآن نبين شيئا من الأمراض والأدواء التي يكثر امتحان القلب بها.

أمراض القلوب وأسبابها

أولا: أسباب أمراض القلوب

هناك أسباب كثيرة لأمراض القلوب وفسادها، من أهمها: ([5])

1- الجهل.

2- الفتن.

3- الشهوات والمعاصي.

4- الشبهات.

5- الغفلة عن ذكر الله.

6- الهوى.

7- الرفقة السيئة.

8- أكل الحرام كالربا والرشوة وغيرهما.

9- إطلاق البصر فيما حرم الله.

10- الغيبة والنميمة.

11- الانشغال بالدنيا وجعلها جل همه وقصده.


[1] - صححه ابن خزيمة رقم (937) وحسنه الألباني كما في صحيح الترغيب (1-89).

[2] - انظر رسالة التعالم للعلامة بكر أبو زيد.

[3] - أخرجه أبو داود (3-323) كتاب العلم، رقم (3664). وابن ماجه (1-93) في المقدمة، رقم (252)، وأحمد (2-338) وصححه الألباني كما في صحيح الجامع رقم (6159).

[4] - أخرجه مسلم (4-2098) كتاب الذكر، رقم (2742).

[5] - أجملت فيها، لأنه جاء وسيأتي بيانها في مواضع أخرى - متفرقة - فتحاشيت التكرار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رأيك يهمنا