وللحكم في التعوذ قبل الشروع في قراءة القرآن وجوه :الوجه الأول : أن القرآن شفاء لما في الصدور ، ويذهب لما يلقيه الشيطان فيها من الوساوس والشهوات والإرادات الفاسدة ، فهو دواء لما أثره فيها الشيطان .فأمر القارئ أن يطرد مادة الداء ، ويخلي منه القلب ليصادف الدواء محلا خاليا فيؤثر فيه كما قيل : أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى...فصادف قلبا خاليا فتمكنا الوجه الثاني : أن القرآن مادة الهدى والخير في القلب ، كما أن الماء مادة النبات ، والشيطان نار يحرق النبات أول فأول ، فكلما أحس نبات الخير في القلب ، سعى في إحراقه وإفساده ، فأمر أن يستعيذ بالله منه ، لئلا يفسد عليه ما يحصله بالقرآن .والفرق بين هذا الوجه والذي قبله : أن الاستعاذ في الوجه الأول ، لأجل حصول فائدة القرآن ، وفي الوجه الثاني ، لأجل بقائها وحفضها وثباتها .الوجه الثالث : أن الملائكة تدنوا للقراءة وتسمعها ، كما في حديث أسيد لما كان يقرأ ، ورأى مثل الظلة ، فيها مثل المصابيح ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :" تلك الملائكة " . والشيطان ضد الملك وعدوه ، فأمر القارئ أن يطلب بعد عدوه عنه حتى تحضر الملائكة ، فهذه وليمة لا تجتمع فيها الملائكة والشياطين .الوجه الرابع : أن الشيطان يجلب على القارئ بخيله ورجله ، حتى يشغله عن تدبر القرآن وفهمه ،فلا يكمل إنتفاع القارئ ، فأمر عند الشروع أن يستعيذ بالله منه .الوجه الخامس : أن القارئ مناج لربه بكلامه ، وفي الحديث : " ما أذن الله لشيء ما أذن للنبي يتغنى بالقرآن " ، والشيطان إنما قراءته الشعر والغناء ، فأمر القارئ أن يطرده بالاستعاذة عند مناجاته واستماع الرب قراءته .الوجه السادس: حضور الشيطان للتشويش على القارئ وتغليطه .الوجه السابع :أنه أحرص ما يكون على الإنسان عندما يهم بالخير ويدخل فيه ، وفي الحديث :" إن الشيطان عرض لي ، فشد علي يقطع الصلاة علي ، فأمكنني الله منه " .وكلما كان الفعل أنفع للعبد وأحب إلى الله ، كان اعتراض الشيطان له أكثر ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
رأيك يهمنا