"أمن يجيب المضطر إذا دعاه"

التمهيد :

تعمدت في هذا اليوم أن أُكثر من طلباتي على إحدى الطالبات .

أحضري لي ريموت المكيف , وبعد أن عادت طلبت منها تشغيله , ثم طلبت منها أن تعيد الريموت للإدارة , وبعد أن عادت طلبت منها الذهاب لإحضار مفتاح غرفة الدورات , وعندما أحضرته طلبت منها إحضار البروجكتر من الغرفة وهكذا كل ماانتهيت من طلب طلبت منها آخر حتى تعبت وملّت كثيرا من كثرة سؤالي وطلباتي لها , وشعرت بذلك الطالبات وبدأن يعرضن علي أن يشاركن بدلا عنها , فلما وجدت أني وصلت لما أريده قلت لهن :

اليوم بإذن الله ستكون الآيات التي ندرسها متعلقة بما فعلته مع زميلتكن .

نتأمل ونتدبر الآيات ونحن نستمع إليها مرتلة بصوت الشيخ وتستخرجوا لي المعنى المراد مما فعلته , والآية التي أقصدها .

وبعد أن استمعت الطالبات لتلاوة الشيخ تسابقن ليقلن :

الآية هي قوله تعالى :(أمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ)

 _ معنى الآية _

 أي: هل يجيب المضطرب الذي أقلقته الكروب وتعسر عليه المطلوب واضطر للخلاص مما هو فيه إلا الله وحده؟ ومن يكشف السوء أي: البلاء والشر والنقمة إلا الله وحده؟

 قال ابن عباس: هو ذو الضرورة المجهود.

وقال السدى: الذي لا حول له ولا قوة.

وقال ذو النون: هو الذي قطع العلائق عما دون الله.

وقال أبو جعفر وأبو عثمان النيسابوري هو المفلس.

وقال سهل ابن عبد الله: هو الذي إذا رفع يديه إلى الله داعيا لم يكن له وسيلة من طاعة قدمها. وجاء رجل إلى مالك بن دينار فقال: أنا أسألك با لله أن تدعو لي فأنا مضطر، قال: إذا فاسأله فإنه يجيب المضطر إذا دعاه.

في مسند أبى داو الطيالسي عن أبى بكرة قال قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في دعاء المضطر:" اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت".

- ضمن الله تعالى إجابة المضطر إذا دعاه، وأخبر بذلك عن نفسه، والسبب في ذلك أن الضرورة إليه باللجاء ينشأ عن الإخلاص، وقطع القلب عما سواه، وللإخلاص عنده سبحانه موقع وذمة، وجد من مؤمن أو كافر، طائع أو فاجر،

 كما قال تعالى:" حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ" وقوله:" فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ" فأجابهم عند ضرورتهم ووقوع إخلاصهم، مع علمه أنهم يعودون إلى شركهم وكفرههم فكل من دعا الله عزوجل بإخلاص كان حريٌّ دعاءه أن يُستجاب , وضره أن يُكشف , وبلاءه أن يزول .

وتأملي حال الطالبة التي ضاقت ذرعا بكثرة سؤالي وطلباتي , لكن الله عزوجل يحب سماح صوت عبده , يحب الإلحاح في الدعاء , ولا يمل الله عزوجل ولايقطع خيره عن عباده , وماعنده عزوجل لاينفد , فلماذا نلجأ عند كرباتنا بالمخلوقين , ونطرق أبواب العبيد , الذين تُزعجهم وتضايقهم كثرة الأسئلة وكثرة الطلبات , ويكرهون الإلحاح , ويملون ويزهدون في من يكثر اللجوء إليهم , وربنا عزوجل بجلاله وكماله يدعونا لنطلب منه ونسأله ونطرق بابه .

فإن كنت صاحبة حاجة وكلنا أصحاب حاجات , فاطرقي باب الكريم , وألحي , وتضرعي , وأكثري , وتحري أوقات الإجابة , وادعي دعاء المضطر الذي يظن أنه يهلك ولا ينجو إن لم ينجيه الله عزوجل , وأبشري بالإجابة وأبشري بكشف ضرك مهما بلغ , سواء كنت مريضة ترجين الشفاء , أو مكروبة تريدين كشف الضراء , أو عقيمة تتمنين الأبناء , أو عازبة تريدين الزواج , أو ضالة تريدين سلوك طريق الهداية , أو مهما تكن حاجتك من صغيرة أو كبيرة ضعيها بين يدي الكريم , وثقي بأنه القادر عزوجل على كشفها عنك .

واتركي اللجوء للمخلوقين , وليكن أول لحظة نزول البلاء لايخطر ببالك إلا كلمة واحدة تنطقيها بقلبك وتقولي ياااااااااااااالله فرج همي ونفس كربي ياأرحم الراحمين .

ثم أُريهن مقطع للشيخ المغامسي في كلام له نفيس عن هذه الآية .

أسأل ربي عزفي جلاله أن يفرج عني وعنكم ويرزقنا صدق اللجوء إليه في كل أحوالنا وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

 فوزية سود 

الدبلوم العام