أيها السادرون المخمورون. أيها اللاهون المتكاثرون بالأموال والأولاد وأعراض الحياة وأنتم مفارقون. أيها المخدوعون بما أنتم فيه عما يليه. أيها التاركون ما تتكاثرون فيه وتتفاخرون إلى حفرة ضيقة لا تكاثر فيها ولا تفاخر.. استيقظوا وانظروا.. فقد { ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر }.
ألهاكم : من اللهو، أي شغلكم التكاثر بالأموال والأولاد والتفاخر بكثرتها والتغالب فيها, ولفظة اللهو معناها ما يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمه،
وقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن التهالك على حطام الدنيا، فى أحاديث كثيرة منها ما رواه مسلم فى صحيحه " عن عبد الله بن الشَّخِّير قال: انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ألهاكم التكاثر قال: يقول ابن آدم مالى مالى، وهل لك من مالك يابن آدم إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت ".
التكاثر
اسم عام سيعم كل ما يُتكاثر به، فتصور أن هذا التكاثر يدخل فيه حتى طالب العلم لماذا ؟
لم يُذكر المتكاثـَـر به، من أجل ماذا؟ ليشمل كل ما يُتكاثر به ويُتفاخر به، وتكون نية صاحبه في ذاك الوقت الدنيا هذا هو الضابط.
أي: أن يتكاثر الإنسان من شيء حتى لو كان من كتب وهو طالب علم، حتى لو كان من روايات وهو طالب في الحديث، حتى لو كانت أسانيد عالية وهو يقرأ القرآن؛ لكن ما الضابط ؟؟ أنه ليس المقصود به الإخلاص لله تعالى هذا الضابط؛ أي متى نقول عن الاستكثار من شيء أنه لهاك عن الآخرة ؟ متى تقول ؟ لما تكون تستكثر حتى لو كان من أمر الآخرة، لكنك أنت ليس قصدك الإخلاص, وهذا مبني على ما ذكرناه في الكلام حول الإخلاص والحاجة إليه وكيف أنك كلما تحركت لا بد أن تكون تدخل مُدخل صدق وتخرج مُخرج صدق، أي لا تدخل ولا تخرج إلا وأنت صادق، وما معنى صادق ؟
معناه أنك مشتاق لرضاه سبحانه وتعالى، الشوق إلى رضاه وأخذ الأسباب التي بها تصل إلى ذلك, فمُدخل الصدق ومُخرج الصدق سببان للسان الصدق وقدم الصدق ومقعد الصدق,
أن الناس يتكاثرون بأشياء كثيرة، يتكاثرون ويفتخرون بالأموال والأولاد، فتراهم أحرص ما يكونون على أن يحصل أولادهم على درجات عالية من أجل أن يقول الناس ربّت، ومن أجل أن يقول الناس علّمت، ولا تفكر أن الله سيشكر لها عملها،
كل القضية أن لا تكون الدنيا أكبر همك
فلا تكن ممن عاش مهموما للدنيا، مطمئنا لحاله يوم القيامة
فإذا رأيت من يُكاثرك وينافسك في الأموال والأولاد اتركه، دعه، لا تلتفت إليه، اصرف قلبك عنه،
وفي الآية في كلمة { زُرْتُمُ } إشارة إلا أنهم يبعثون فإن الزائر منصرف لا مقيم؛ لذلك
كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله لما يقرأها يقول: ما أرى المقابر إلا زيارة، ولا بد لمن زار أن يرجع إلى داره إما إلى الجنة وإما إلى النار!
*أولا: ما معنى ألهاكم؟ أي اشتغلتم بما يلهيكم عما يعنيكم.
* ثانيا: ما معنى التكاثر ؟ أي المكاثرة بالدنيا,
* ألهاكم التكاثر عن ماذا ؟ عما يهمكم من ذكر الله ومن الواجبات، سواء كانت أعمال قلب أو أعمال جوارح.
{ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ}المقصود بها ماذا ؟ حتى هلكتم وصرتم من الموتى؛ هذا هو المقصود
ما دلالته ؟ على أن الزائر لا بد أن يعود إلى بيته كما قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله، وهذا فيه دلالة على البعث
*الأمر الثالث: ما مقصود الآيتين معا (ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر)؟ أنكم انشغلتم حتى هلكتم فأضعتم أعماركم بما لا يجدي فائدة، ولا يعود عليكم بعائدة في حياتكم الآخرة.

السؤال : لماذا ذكر المقابر قاطع للتكاثر ؟
أي: ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر، هذه صورة أنكم بقيتم مشتغلين، ألهاكم التكاثر بالأموال والأولاد إلى أن متم وقبرتم، وأنتم مضيعين أعماركم في طلب الدنيا, لكن في المقابل هذه صورة لها معنى أنت الذي يقطع عليك اللهو ذكر المقابر لماذا؟
قال الحسن رحمه الله تعالى : " لا يغرنك كثرة من ترى حولك، فإنك تموت وحدك، وتبعث وحدك، وتحاسب وحدك "
فعلى هذا من أسباب اغترارنا بالدنيا اجتماعنا، وإلا انظر القبر والآخرة صورة من الحياة لكنها على حال انفراد؛ أي كما كنت عايش في الدنيا مع الناس ستتحول تعيش في قبرك [ نوع آخر من العيش ] لكنه على الانفراد, لا يؤنسك فيه إلا عملك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
رأيك يهمنا